كنيسة سيدة البشارة العجائبية _ بعبدا
هذا ما ورد في الإنجيل المقدس عن بشارة العذراء وبما أننا قريبون من ميلاد مخلّصنا وإلهنا يسوع المسيح "طفل المغارة" كان لا بد لنا من فهم كيفية عيش هذه البشارة خصوصاً في الكنائس التي تحمل هذا الاسم، فوقع الخيار على كنيسة سيدة البشارة العجائبية في بعبدا التي عرفت بالعجائبية نظراً للعديد من العجائب التي حصلت بشفاعة أمنا مريم العذراء، ناهيك عن ان من يقوم راهناً بخدمة الرعية كاهن غيور هو الأب القاضي موريس وهبي المحترم .
كنيسة سيدة البشارة العجائبية في بعبدا:
أوائل القرن التاسع عشر بدأ العديد من أبناء طائفة الروم الكاثوليك في لبنان بالتوافد الى جبل لبنان حيث استقرّ معظمهم في بلدة بعبدا. وعندما أصبحت الحاجة ملحة الى بناء كنيسة في المنطقة، صادف آنذاك تحول الأمراء الشهابيين الى الإيمان المسيحي، بحيث اعتنق البعض منهم المذهب الكاثوليكي، والمذهب الماروني وغيره، ومن بين هؤلاء المغفور له الأمير ملحم شهاب الذي حل في منطقة بعبدا ووقَفَ فيها قطعتي أرض لمصلحة الطائفة. وشيدت في عهد الأمير يوسف شهاب كنيسة بيزنطية كاثوليكية تحمل اسم سيدة البشارة العجائبية، وبني على الأخرى مدفن خاص بأبناء الرعية الملكية الكاثوليكية، وكان ذلك سنة 1841.
تحتوي هذه الكنيسة العجائبية المطلّة على البحر وبيروت ومطارها عدا عن المذبح ذات التصميم البيزنطي كما القناطر والحنايا وهي من العقد الحجري والطوق والأبواب والنوافذ كما على إيقونات بيزنطية هدية من الارشمندريت فتوش وهو من الرهبان الشويريين الذين كانوا يقومون بخدمتها مما يعطي الكنيسة بعداً روحياً خشوعياً مليئاً بالإيمان العابق بالبخور والعطر والتقوى والصلاة الحارة.
في واجهة الكنيسة، هناك لوحة رخامية تذكارية ما زالت مثبتة على مدخل الكنيسة تشير الى تاريخ بنائها عام 1841 برعاية المثلث الرحمات المتروبوليت أغابيوس رياشي الذي تولى كرسي الأبرشية من العام 1828 حتى 1878.
أول ترميم للكنيسة: حصلت عام 1885 على يد المتصرف نعوم باشا الذي كان ينتمي الى المذهب الكاثوليكي.
الترميم الثاني: حصلت عام 1988 برعاية المثلث الرحمات المتروبوليت حبيب باشا حيث أقدم مساهمون من أبناء الرعية في ترميم الكنيسة وبناء أنطش لها. هذه المساهمة مكّنت من توسيع الكنيسة أكثر من ضعفين، وإنشاء "سكرستيا" وصالون محاذٍ لها، فضلا عن الساحة والأدراج والقناطر الرائعة ذات الفن البيزنطي وهي كلها متناسقة مع العقد البيزنطي للكنيسة فأتت جميعها آية في الإبداع الفني. وأمام الكنيسة يوجد حديقة مع بركة ماء مكللة بالورود والزهور والاشجار، ومطلة على البحر وبيروت والمطار وفيها اشجار زيتون يعود عمرها الى عشرات السنين.
وعندما عين الأب القاضي موريس وهبة كاهنا للرعية قام مع ابنائها بنشاطات وانجازات اهمها:
_ في عام 1992 أسس أخوية سيدة البشارة العجائبية بعبدا وتضم 60 سيدة.
_ في عام 1994 أسس جوقة الكنيسة وتضم أكثر من 20 شاباً وشابة.
_ في عام 1995 أسس حركة رسالة الأولاد العالمية (ميداد) وتضم أكثر من 80 ولداً.
_ في عام 1996 أسس جماعة أصدقاء القربان وتضم اكثر من 40 سيدة.
_ كما تم إنشاء 36 مدفناً لعائلات الرعية.
_ في 25 آذار 1997 عيد سيدة البشارة العجائبية دشن كاهن الرعية القاعة الكبرى للكنيسة برعاية المتروبوليت حبيب باشا والنائب ميشال فرعون بحضور حشد من النواب والسفراء وشخصيات من ابناء المنطقة. وهي مجهزة ومعدة لاستقبال النشاطات الرعوية .
_ في شهر كانون الثاني 1998 تمّ تأليف المجلس الرعوي.كما أعلنت السنة المئوية الأولى (1898-1998) لحصول الأعجوبة الأولى في الكنيسة 1898 .
_ وهو حاضراً مرشد إقليم بعبدا في الأخويات مع قدس الأب شربل ديب كما يترأس أخويات الروم الكاثوليك في بعبدا وجبيل، إضافة الى عدة مسؤوليات ومهام مكلف بها.
الأعجوبة:
يروي أبناء المنطقة انه في عام 1898 بينما كان القطار قادماً من البقاع باتجاه بيروت بقيادة سائق من الطائفة الدرزية ومحملاً بالركاب القادمين من الدول المجاورة، وعندما وصل الى مشارف الجمهور حصل عطل في المكابح (الفرامات)، ما جعل السائق يعجز عن السيطرة على القطار، فبدأت سرعته تزداد ودب الذعر والخوف في نفوس الركاب وبدأ الصراخ خوفاً من الموت المحتم. وفجأة تذكّر وهو الذي يعبر بقطاره عادةً من أمام السيدة العجائبية في بعبدا، إن هذه العذراء هي المنقذ له وللركاب من هذا المأزق الخطير فصرخ باسم الجميع مناشداً العذراء مريم ان توقف القطار، واعداً إذا ما تحقق ذلك سوف ينزل هو وجميع من في القطار لزيارة الكنيسة والصلاة فيها وشكرها وتقديم كل ما يملكون من ذهب ومجوهرات كشكر لوالدة الاله على خلاصهم. فما ان أنهى وعده وقد أصبح القطار على بعد أمتار من الكنيسة حتى توقف فجأة تماماً كما يروون، فنزل الجميع وزاروا الكنيسة مسلمين ومسيحيين ودروز وركعوا خاشعين، وهكذا تابعوا السير وتطاير خبر الاعجوبة في المنطقة وأصبحت عجائبية ومكاناً لحج المؤمنين في يوم عيدها وعلى مدار السنة حيث يؤمّها الزوار لطلب حاجات روحية وزمنية فتستجاب لهم. هذه واحدة من العديد من العجائب التي تتداولها الالسن عن هذه السيدة العجائبية في بعبدا. كما عرفت بشفيعة المسافرين.
المقابلات:
أجرينا العديد من المقابلات مع مسؤولي الرعية بدءً من وكيل الوقف السيد موسى لحود الذي صرّح لنا بأن المجلس الرعوي والوقف تأسسا رسمياً سنة 1998 وهو يضم الآن 12 شخصاً من أبناء الرعية. أما الأعمال التي يقومون بها بالتعاون مع الكاهن رئيس المجلس والوقف بتنظيم كافة أمور الرعية من نشاطات وحفلات وبالطبع مالية الوقف، وكل ما يتعلق بأعمال الصيانة والتجديد داخل وخارج الكنيسة وضمن الامكانيات المتاحة، وهذا كل ما نقوم به من خدمات وأنشطة لتحسين وتطوير كنيستنا.
أما رئيسة الأخوية السيدة هدى حداد، فلدى سؤالنا لها عن تاريخ تأسيس الاخوية فأجابت انها ربما كانت قبل التاريخ الرسمي أي سنة 1993، وقد كانت تضم تحت أجنحة أمنا مريم سيدة البشارة شفيعتها 80 أختاً أما اليوم وحسب سجلات أمانة السر في العمدة فهي تتراوح بين 26 و30 سيدة جلّهم من سيدات الرعية، أما من شاباتها فهناك نقص كبير ممن يلتحقن بها.
اما النشاطات التي تقوم بها الأخوية فهي عديدة ومن بينها: فرض الأخوية المختلط بين البيزنطي والماروني يختتم بقداس الهي مع الكاهن المرشد. بعدها زيارات للمرضى من سيدات او رجال الرعية وهي ايضا زيارات تفقدية .
تقديم بعض المساعدات والإعانات لعائلات فقيرة محتاجة وخصوصاً في الآونة الأخيرة مع العائلات العراقية والسورية النازحة بالتنسيق مع الشماس نقولا التوم الذي يساعد من وقت لآخر.
تحضير وتنظيم الحفلة السنوية التي نقيمها بمناسبة عيد سيدة البشارة والتي يعود ريعها لتغطية كافة نشاطات الرعية على مدار السنة.
المشاركة في كافة نشاطات الاقليم في بعبدا وانشطة الطائفة في ابرشية بيروت.
هناك عدة نشاطات نتشارك فيها مع الكاهن والحركة الرسولية "ميداد" بالتحضير للاعياد كهدايا الميلاد التي نقدمها للأطفال بمساهمة كريمة من خييرين كثر.
حضور ومشاركة الرعايا المجاورة بكافة الصلوات والاحتفالات الليتورجية والشهر المريمي. كما نساهم بترتيب وتزين الكنيسة لكافة المناسبات.وكذلك المساهمة بتحضير وتنشئة الاطفال للمناولة الاحتفالية. أخيراً نتمنى للجميع ميلاداً مقدساً ومباركاً وسنة خير وسلام ومحبة للجميع.
الكلام الأخير كان لكاهن الرعية الحالي الأب القاضي موريس وهبة فكانت له هذه الكلمة المعبرة: " إنني أرحب بكم وبالقيّمين على هذا العمل الاجتماعي والديني والثقافي ذات الاشعاع المحبب الى قلوب الناس والمؤمنين خاصة في رحاب سيدة البشارة العجائبية التي يؤمها المصلّون والزوار للصلاة وتلمس البركة وطلب النعم وتلبية الحاجات الروحية والزمنية وإنني أثني كثيراً خاصة في هذه المرحلة التي تمر بها الكنيسة المشرقية واللبنانية الحبيبة حيث نصلي من اجل تنقذها ووطننا أمنا مريم من كبوته هذه كيف ولا وقد كرسها البطريرك الراعي شفيعة له. كما ونستصرخ الضمائر الحية ان تعي دقة المنعطف الوجودي المسيحي. وليقف المسؤولين أمام ضمائرهم ويتخذوا المواقف والمبادرات المبتكرة من اجل إنقاذ صيغة العيش المشترك الحر للمسيحيين وغير المسيحيين وإلاّ فسيحاسبهم التاريخ ولا يرحم قبل فوات الاوان.
وبالنهاية فأنني انتهز الفرصة ونحن على أبواب الأعياد الميلاد المقدس ورأس السنة وأتقدم بالمعايدة الطيبة من كل المهتمين بالوعي والتثقيف لدى المؤمنين لكي تشمل أيضاً جميع الناس ولتحل عليهم بركة عيدي الميلاد ورأس السنة بالفرح والسلام وانبعاث فجر جديد من الحرية والبحبوحة والسلام لأبناء هذا الوطن المعذب . ولكم جزيل الشكر.
وفي مكان أخر يظهر لنا عظمة هذا الحدث البشارة من خلا ل جواب نسيبتها اليصابات عند زيارة العذراء لخالتها ويرد في النص الكتابي أيضا "وفي تلك الأيام، قامت مريم مسرعة وأسرعت الى مدينة يهوذا في جبال اليهودية . ودخلت بيت زكريا وسلمت على اليصابات. فلما سمعت اليصابات سلام مريم ، تحرّك الجنين في بطنها، وامتلأت من الروح القدوس ، فهتفت بأعلى صوتها:"مباركة أنت في النساء ومبارك ثمرة بطنك ! من أنا حتى تأتي إليّ أمّ ربي؟ ما ان سمعت صوت سلامك حتى تحرك الجنين من الفرح في بطني هنيئا لكِ، يا من آمنت بأن من جاءها من عند الرب سيتمّ"