التبويبات الأساسية

الحاووز الأثريّ في بعبدا

  • الحاووز الأثريّ في بعبدا-0
  • الحاووز الأثريّ في بعبدا-1

الحاووز الأثريّ في بعبدا

عام 1917 أمر المتصرّف إسماعيل حقّي باشا الذي خلف المتصرّف أوهانس باشا ببناء الحاووز. ويذكر التاريخ ان الوالي العثماني جمال باشا، كان ألغى امتياز جبل لبنان وغيّر وضعه القانونيّ، وأرسل قوات عثمانيّة تمركزت في مناطق الجبل في 22 تشرين الثاني عام 1914 ثم عزل المتصرّف المسيحيّ اوهانّس باشا، وعيّن مكانه متصرّفًا مسلمًا هو علي منيف باشا خلافًا لمضمون بروتوكول 1861 الذي وضعته الدول الكبرى آنذاك...

كان اسماعيل حقّي مثقّفًا، وكان مهندسًا، درس الهندسة في ايطاليا، فأراد إحياء التراث الإسلاميّ وأمر ببناء هذا الحاووز، الذي يذكّرنا بهندسة العرب في اسبانيا، وهو مزيّن بالمعربشات، ووضع له أربعة ميازيب بشكل رؤوس سباع، تصبّ فيها الماء من عين بعبدا الشهيرة.

وقد أرّخه الشاعر شبلي الملّاط بهذه الأبيات الأربعة:

في عهد إسماعيل حقّي شيّدوا                  هذا السبيل بمائه المتفجّر

عذبُ المنابع كالّلجينِ وحبّذا                   ماءٌ تسلسلَ جوهراً من جوهرِ

حفظتْ يدُ العمران رونق وردهِ                 في ظلّ سلطانِ البلاد الأكبر

قلنا وراق مؤرخيه جمالُه                        نعمَ السبيلُ تسلسلاً من كوثرِ

أصيب هذا الحاووز بقذائف شتّى في الأحداث اللبنانيّة. وفي تحقيق أجرته الصحافيّة دولّلي بشعلاني في جريدة الديار (2/10/1995) وصّفت فيه كيفيّة نقل الحاووز المتضرر من مكان الى مكان آخر بعد ترميمه حيث جاء في التحقيق ما يلي (مقتطفات) : " ... ذلك الحاووز الاثريّ الذي كنت ألمحه، افتقدته منذ أسابيع عدّة، ولم استفق من حيرتي الّا بعدما وجدت بالأمس قطعًا كبيرة من الحجارة القديمة تملأ المكان وفي الجهة المقابلة للحاووز رأيت العمّال يجبلون الباطون ويهتمّون بنقل بعض الحجارة. وعند الاستفسار عما حصل ويحصل، قيل لي «لقد فكّكنا الحاووز حجرة حجرة ونعيد اليوم بناءه هنا ليصبح ظاهرا للعيان".

عن هذا الحاووز الأثريّ وكيفية نقله من مكان الى آخر يفصل بينهما حوالي العشرين أو الثلاثين مترًا، حدّثنا رئيس القسم الفنّيّ في بلديّة بعبدا والمشرف على تنفيذ المشروع المهندس أمين الملّاط فقال:

"انّ حاووز بعبدا يعتبر قبل كلّ شيء من الآثار الهامّة جدًّا في العالم إذ لا يوجد مثله سوى إثنين على أحد مداخل مدينة مهمّة في يوغوسلافيا. ويعود الشبه في الهندسة الخارجيّة الى رزوح يوغوسلافيا ـ كما لبنان ـ تحت الحكم العثمانيّ لفترة من الزمن. من هنا أتت الهندسة نفسها عثمانيّة وذات طابع إسلاميّ». وأضاف «نعمل اليوم على نقل هذا الحاووز الأثريّ إلى الجهة المقابلة من الشارع بعدما قرّر مجلس بلديّة بعبدا ترميمه ونقله لأسباب عدّة، وكانت قد صبّت قاعدة له من الباطون منتظرة همّة المسؤولين. وكما ترين بدأنا بالمشروع ليس بهمّة بلديّة بعبدا فقط، فهي لا تملك الإمكانات الكافية لنقل الحاووز لهذا استعانت بمديريّة الآثار وبالوزير ايلي حبيقة (نائب المنطقة) الذي من دونه لم نستطع القيام بأيّ شيء. فوزارة الموارد المائيّة والكهربائيّة لزّمت المشروع إلى المهندس جوزف معلوف فيما يختصّ بتأمين العمّال وهي تدفع التكاليف. وقد أوكلتني بالإشراف على تنفيذه على مسؤوليّتي. أمّا فيما يتعلّق بعمليّة نقل وترقيم أحجار الحاووز من أجل إعادة تركيبها كما كانت، فيشرف عليها السيّد فوزي الأسمر من مديريّة الآثار. وقد تمّ لهذه الغاية تصوير الحاووز هندسيًّا وترقيمه حجرًا حجرًا لتلافي الوقوع في خطأ ما.

وبعد الانتهاء من إعادة بنائه الذي يستلزم حوالي الشهرين أو أكثر نسعى إلى إعادة بناء رؤوس السباع من الجهات الأربع التي كانت تصبّ فيها الماء من الميازيب وقد هدّمها الأهالي في العام 1920 بعد اندحار الدولة العثمانيّة ودخول القوات الفرنسيّة إلى لبنان، بعدما قرّروا تحطيم ما بناه المتصرّف «ففشّوا خلقهم» بالسباع ثم توقّفوا عن هدم ما تبقّى. اذاً سنعيد تزيينه بالسباع لتصبّ منها المياه في بركة صغيرة ثمّ في أخرى أكبر من الأولى وسيتمّ زرع بعض النباتات والأزهار في محيطها لإعادة الحياة إلى الحاووز لكن هذه المرّة لن تكون المياه لقضاء الحاجة بل لتجميل المكان ... ".

editor1

وُلد المحامي جوزف أنطوان وانيس في بلدة الحدث قضاء بعبدا _ محافظة جبل لبنان _ عام 1978، وتربّى منذ طفولته على حُبّ الوطن والتضحية من أجل حريّة وسيادة واستقلال لبنان. درس الحقوق في الجامعة اللبنانية _ كلّيّة الحقوق والعلوم السياسيّة _ الفرع الثاني، وتخرج فيها حاملًا إجازة جامعيّة عام 2001، وحاز في العام 2004 دبلوم دراسات عُليا في القانون الخاصّ من جامعة الحِكمة _ بيروت. محامٍ بالاستئناف، مُنتسب إلى نقابة المحامين في بيروت، ومشارك في عدد لا يُستهان به من المؤتمرات والندوات الثقافيّة والحقوقيّة اللبنانيّة والدوليّة والمحاضرات التي تُعنى بحقوق الإنسان.

Related Posts
Comments ( 0 )
Add Comment