التبويبات الأساسية

السياسة والشأن العام

أن تملك الإرادة والعزم للدخول في المعترك السياسيّ هادفًا تعاطي الشأن العامّ بكل شفافيّة وصدقٍ لشجاعة وإقدام خاصّة في هذا الزمن الذي شوّه فيه السياسيّون معنى السياسة، مستغلّين إيّاها للوصول الى مآرب شخصيّة مفضّلين السلطة والمال والنفوذ بدلًا من الخدمة العامّة والتضحية من أجل الآخرين.

فهلّ ما أقدم عليه البعض من السياسيّين يمنعنا من المشاركة في هذا المعترك حيث الصورة مشوّهة والجماعة ناقمة واللاعبون مُستَغلّون ؟

طبعاً لا،

صحيح أنّ أشخاصًا كثيرون وصلوا إلى السلطة بإرادة شعبيّة لكنّهم عجزوا عن تسيير المرفق العام بشكل صحيح والسؤال الذي يطرح لماذا فشلوا بذلك طالما أنّ من أوصلهم أراد ذلك؟ إنّ الجواب على السؤال  المذكور يعود الى أمرين أساسيّين:

       1 _ إمّا أنّ البعض غير متمرّس أم غير أهل لممارسة الشأن العام كونه عاجز عن فهم كيفية تسيير المرفق العام بشكل صحيح، فيظنّ أنّ المنصب هو تشريف يتباهى به، وينسى انّه تكليف للخدمة العامّة، فيبتعد عن الاهتمام بالقضايا الإنسانيّة وحاجات الشعب الأساسيّة، ويذهب بعيدًا موهمًا نفسه بتحقيق انتصارات، رافعًا الشعارات ظنًّا منه أنّ البروباغندا الإعلاميّة ستعظّم الصغائر وتحوّل أفعاله المتواضعة إلى انجازات كبيرة.

       2_ إمّا أن يقدم قصداً على التلاعب بالإرادة الشعبيّة فيعتبر المنصب السياسيّ مهنة مربحة تدر له المال، فيدخل المعترك السياسيّ واضعًا نصب عينيه المركز مستغلًّا النفوذ وحاجات الشعب، وما أن يصل حتّى ينسى ويتناسى من انتخبه وأولاه ثقته، فيحقّق ما خطّط له بدايةً ومن ثمّ يتابع مخطّطه بتوطيد سلطته ومركزه دون وجه حقّ ويدخل الشعب معه بمعاناة طويلة لا تنتهي.

إنّ ما ذكرنا آنفًا بشقّيه الأوّل والثاني يلحق بالشعب أشدّ الأضرار الماديّة والمعنويّة، فتجنح الجماعة إلى توصيف السياسة تبعًا لأفعال السياسيّين السيّـئة ويطلق عليها بعضًا من الأوصاف كالكذب والرياء والانتهازية...

من هنا لا يتشجّع كلّ من يحاول حديثًا المشاركة في المعترك السياسيّ ويفضّل أن لا يدخله كيّ لا يُطلق عليه أوصاف الساسة والسياسيّين واضعًا نفسه خارجًا عنها متنازلًا عن حقّه بالمشاركة والتغيير فيصدق بهم ما قاله أفلاطون في هذا الشأن: " إنّ الثمن الذي يدفعه الطيّبون لقاء تقاعسهم عن الشؤون العامّة هو أن يحكمهم الأشرار".

فالطيّبون الصادقون لا يشاركون وتبقى الساحة مشرّعة لمن يتعاطى السياسة بجهلٍ أم بقصدِ المنفعة الشخصيّة والمفهومان يدخلان البلاد والعباد في مأزق سياسيّ كارثيّ.

عليه وبالاستناد لما تقدّم،  دائمًا يوجد الطيّبون الذين يختلفون عن المفهومين المذكورين أعلاه، وهؤلاء الطيّبون يؤمنون بأنّ المشاركة في الشأن العام حقٌ وواجب، حقٌ مكتسب لا يمكن التنازل عنه أو التراجع عن الاهتمام بالمصلحة العامّة، وواجبٌ مقدّس يحتّم على الجميع المشاركة في التغيير والتطوير، فالمجتمع لا يتقدّم إلاّ بدخول المعترك السياسيّ نخبًا شابـّة تساهم بأفكارها الجديدة لتغيير النظام نحو الأفضل.

ونحن على ثقة بأنّنا نتعاطى الشأن العام بكلٍ صدق وشفافيّة هادفين المصلحة العامّة على المصالح الشخصيّة، آملين أن نتمكن من إعطاء صورة جديدة للسياسة والسياسيّين في مجتمعنا ونشجّع الأشخاص الطيّبون على دخول المعترك السياسيّ لنتمكّن وإيّاهم من تغيير واقعنا السيّئ ونبني معهم غدًا أفضل.     

                                                                                      المحامي جوزف وانيس

   

 

ADMIN

وُلد المحامي جوزف أنطوان وانيس في بلدة الحدث قضاء بعبدا _ محافظة جبل لبنان _ عام 1978، وتربّى منذ طفولته على حُبّ الوطن والتضحية من أجل حريّة وسيادة واستقلال لبنان. درس الحقوق في الجامعة اللبنانية _ كلّيّة الحقوق والعلوم السياسيّة _ الفرع الثاني، وتخرج فيها حاملًا إجازة جامعيّة عام 2001، وحاز في العام 2004 دبلوم دراسات عُليا في القانون الخاصّ من جامعة الحِكمة _ بيروت. محامٍ بالاستئناف، مُنتسب إلى نقابة المحامين في بيروت، ومشارك في عدد لا يُستهان به من المؤتمرات والندوات الثقافيّة والحقوقيّة اللبنانيّة والدوليّة والمحاضرات التي تُعنى بحقوق الإنسان.

Related Posts
Comments ( 0 )
Add Comment