التبويبات الأساسية

المجد والخلود لشهدائنا الأبرار والحرية للمخطوفين والمعتقلين في السجون السورية

  • المجد والخلود لشهدائنا الأبرار  والحرية للمخطوفين والمعتقلين في السجون السورية-0
  • المجد والخلود لشهدائنا الأبرار  والحرية للمخطوفين والمعتقلين في السجون السورية-1
  • المجد والخلود لشهدائنا الأبرار  والحرية للمخطوفين والمعتقلين في السجون السورية-2
  • المجد والخلود لشهدائنا الأبرار  والحرية للمخطوفين والمعتقلين في السجون السورية-3
  • المجد والخلود لشهدائنا الأبرار  والحرية للمخطوفين والمعتقلين في السجون السورية-4
  • المجد والخلود لشهدائنا الأبرار  والحرية للمخطوفين والمعتقلين في السجون السورية-5
  • المجد والخلود لشهدائنا الأبرار  والحرية للمخطوفين والمعتقلين في السجون السورية-6
  • المجد والخلود لشهدائنا الأبرار  والحرية للمخطوفين والمعتقلين في السجون السورية-7
  • المجد والخلود لشهدائنا الأبرار  والحرية للمخطوفين والمعتقلين في السجون السورية-8
  • المجد والخلود لشهدائنا الأبرار  والحرية للمخطوفين والمعتقلين في السجون السورية-9
  • المجد والخلود لشهدائنا الأبرار  والحرية للمخطوفين والمعتقلين في السجون السورية-10
  • المجد والخلود لشهدائنا الأبرار  والحرية للمخطوفين والمعتقلين في السجون السورية-11

اعداد المحامي جوزف وانيس 

الثالث عشر من تشرين الأوّل عام 1990 اليوم العصيب في حياة لبنان، اليوم الذي اجتمعت فيه كل القوى الداخلية والإقليمية وحتى الدولية للقضاء على الحلم اللبناني الكبير، حلم الحرية والسيادة والاستقلال الذي تاق اليه الشعب اللبناني.  

   صبيحة 13 تشرين الأول 1990 وعند الساعة السابعة والخمس دقائق كانت دبابات الجيش السوري تجتاح المناطق الحرة المتبقية من لبنان آنذاك وتطبق على قصر بعبدا الذي يتحصّن فيه العماد ميشال عون، وطائرات السوخوي السورية تدك قصر بعبدا ووزارة الدفاع في اليرزة وعدداً من مرابض المدفعية. سقطت الخطوط الحمر التي كانت تمنع النظام السوري من دخول المناطق الحرّة ومعها سقط نخبة من شهداء الجيش اللبناني على الجبهات المتعددة، بالإضافة إلى اعتقال وخطف العشرات من اللبنانيين واقتيادهم إلى سوريا.

أولاً: التحضيرات: الجمعة 12 تشرين الثاني 1990:

  * أورد كريم بقرادوني في كتابه "لعنة وطن" من حرب الخليج الى حرب لبنان ص 265 انه: " في الحادي عشر والثاني عشر من تشرين الأوّل توافرت لدى المراجع الفرنسية معلومات تؤكّد ان العملية العسكرية باتت مسألة ساعات. وبطلب من الرئيس ميتران تحرّكت الدبلوماسية الفرنسية. فاتح السفير الفرنسي في دمشق السلطات السورية بالأمر فلم يتلق جواباً واضحاً. واتصل وزير الخارجية رولان دوما بالرئيس الهراوي الذي نفى علمه بالأمر. وإمعاناً في التضليل أعلنت الخارجية الأميركية، بعد اتصال فرنسي، إنها لن تعطي سوريا ضوءاً أخضر لضرب المناطق المسيحية. وصرّح مسؤول إسرائيلي ان تل أبيب لا تؤيّد استعمال العنف لإزاحة العماد عون. ولم تطمئن نفس الجنرال لكل هذه التصريحات ونظر إليها كعملية تمويه لما قد يحدث. وأمضى الجزء الأكبر من ليل 12 -13 تشرين الأول وهو على اتصال بالسفير الفرنسي رينه آلا.

  * بينما يؤكد العماد ميشال عون في حديث ٍ"لصدى البلد" منشور بتاريخ 13 تشرين الأوّل 2005: " أن الصمود أمام اجتياح الجيش السوري الى قصر بعبدا لم يكن ممكناً، "فالإمكانات غير موجودة واحتياط الذخيرة استنفد، كنا محاصرين بحرياً وبرياً، ومنعت عنا المحروقات". وعشية 13 تشرين كان الجنرال يتلقى إفادات من المخابرات عن الحشود العسكرية، وأبلغ في منتصف الليل أن الجنود اللبنانيين الذين سيشاركون في الهجوم وضعوا شارات بيضاء للتعارف، ويقول إنه كان يعرف أن المعركة ستبدأ صباحاً".

   وأضاف "سألني اللواء نديم لطيف عن استخدام الطيران، فأجبته إننا نعلم في حال مرور الطيران فوق القصر، أن هذه هي الإشارات الجدية للإذن الدولي بالاجتياح، فنوقفه فور بداية المعركة لتحديد الخسائر، لكننا نكون ثبتنا حقنا و أظهرنا للعالم أن الطيران السوري والإسرائيلي متضامنان. وكنا نعرف شروط استخدام الطيران في لبنان، والطائرة السورية التي مرت قبل يومين في بعبدا مثلت إشارة إلى الإذن الدولي بذلك".  

   * وقد أورد الصحافي سركيس نعوم في كتابه "ميشال عون حلم أم وهن" ص 161 انه في الثانية عشرة ظهراً من يوم الجمعة الواقع في 12 تشرين الأول 1990، سلّم أحد ضباط المخابرات غرفة العمليات في الجيش صورة أو ربما نسخة عن أمر عمليات موجهاً الى القوى "المعادية" ل "شرعية" عون تتضمن خطة هجوم على قصر بعبدا لإنهاء "التمرّد" العسكري في ذلك الجزء من المنطقة العسكرية. وتبيّن لرئيس العمليات بعدما وضع الأمر على الخريطة أن نسبة صحته عالية جداً. فاتصل وكانت الساعة الثالثة عشرة والدقيقة الثلاثين، بالعماد عون في القصر الجمهوري وحاول إقناعه بأن العملية العسكرية حاصلة بالتأكيد خلال أقل من 48 ساعة. لكن الجنرال لم يقتنع بذلك واعتبر أمر العمليات "المعادي" مسرباً قصداً للتشويش أو للتخويف أو للتضليل. وأصرّ على موقفه مما حوّل المكالمة الهاتفية نقاشاً حاداً. وفي الساعة السادسة والدقيقة الخامسة والخمسين من صباح يوم السبت الواقع في 13/10/1990 تأكّد للجنرال عون انه كان مخطئاً في تحليله إذ قام الطيران الحربي السوري بقصف لكل من القصر الجمهوري ووزارة الدفاع لكنه لم يصبهما.

 

ثانياً: الاجتياح: السبت 13 تشرين 1990:

   * يروي العميد الركن فؤاد عون في كتابه "لبنان في ظل الحكومتين" ص 774 حول ما جرى في مبنى وزارة الدفاع يوم 13 تشرين: " السابعة صباحاً كل شيء هادىء في وزارة الدفاع الوطني، فجأة تمر فوق المبنى وعلى علو منخفض طائرة حربية، تركت مكتبي وأسرعت نحو القاعة الرئيسية لغرفة العمليات استطلع الأخبار وقبل وصولي يمر سرب من الطائرات، فيهز المبنى انفجار كبير قوي ناتج عن سقوط قنابل وصواريخ جوية وتُسمع بعض طلقات الأسلحة المضادة للطائرات ثم يتبع ذلك قصف مدفعي عنيف.

   * دخلت القاعة الرئيسة لغرفة العمليات فوجدت نائب رئيس الأركان للعمليات (العميد جان فرح) ومدير المخابرات (العقيد عامر شهاب) وبعض ضباط مديرية العمليات وبدأت آلات الهاتف العديدة ترن وأصوات أجهزة الراديو تتعالى لتفيد بأن الجيش السوري مدعوماً بالطائرات والمدفعية الثقيلة بدأ هجوماً على جميع محاور المنطقة المحررة، وتطلب الأوامر والدعم الناري وتحريك قوى الاحتياط لسد بعض المحاور وتعزيز بعض الجبهات. لكن غرفة العمليات لم تتجاوب بسرعة وكأنها فوجئت بالعملية الهجومية أو ان خطتها لم تكن جاهزة سلفاً وأوامرها التحضيرية لم تكن موزّعة على قادة الألوية والجبهات وخطة الدعم الناري المدفعي لم تكن محكمة كما كانت عليه خلال حرب التحرير، ولا عجب فرئيس منسقية النيران (العميد روجيه ناصيف) موجود في منزله ومدير العمليات (العميد شارل عيد) كذلك.

   * أما في قصر الشعب في بعبدا ، استفاق الجنرال نحو السابعة إلا ربعاً، وعندما أغارت طائرات السوخوي على القصر كان يحلق ذقنه وقد أورد الجنرال لجريدة الحياة تفاصيل ما حدث: " بدأت أتلقى إفادات عن تحركات على الأرض، وعندما تمّ القصف الجوي اتصلت بالسفير رينيه آلا وقلت له إن المبادرة التي وجهتها إليه أمس انتهى أمرها مع الهجوم، وبأنني أطلب وقف النار، وأعترف بالاستسلام والخسارة العسكرية، ودعوت إلى إرسال مسؤولين لاستلام القصر الجمهوري ووزارة الدفاع. أصرّيت على كلمة استسلام وليس تفاهم، رغم أن البعض صعب عليه الأمر. استعملت الكلمة بمفهومها القانوني، لأننا سحقنا بالقوة وكي لا نقع في خطأ تفسير الحدث. عندما نقل آلا طلبي إلى مخاطبيه عبر الهاتف (الهراوي، ألبير منصور، لحود) انتظروا وقتاً لإجابته، ثم أصروا على حضوري إلى السفارة الفرنسية لأكون تحت مراقبته ...

   * وقد أورد السفير الفرنسي في لبنان آنذاك رينه آلا ما حصل في جريدة "الحياة" تاريخ 17/05/2005 : " صباح يوم 13 تشرين الأول كانت الجبهة اللبنانية مشتعلة من جراء القصف السوري، فاتصل عون بي مجدداً وقال لي ان الهجوم شامل ونهائي وانه يريد تجنب حمام دم وإنقاذ ما يمكن إنقاذه، مطالباً بوقف لإطلاق النار، مضيفاً بصوت مخنوق ويكاد لا يسمع، اعتبر أنني هزمت»، تمكنت بعد صعوبة من التحدث هاتفياً الى الهراوي وأبلغته ان عون اعترف بهزيمته ويطلب وقفاً لإطلاق النار لتجنب حمام دم وأكدت للهراوي ان وقف إطلاق النار ضرورة وان عون صادق، فأجاب: «أنا لا أصدقه ونحن معتادون على مناوراته، فليذهب الى السفارة الفرنسية وبعدها سترى كيف ترتب الأمور». وأعدت الاتصال بعون وأبلغته الانتقال الى السفارة، لأن مجيئه هو أحد شروط التفاوض لوقف إطلاق النار وليس هناك أي حل إلا بمجيئه الى السفارة، فأجاب: «سأخاطر وسنرى». وعند الساعة الثامنة والنصف من ذلك اليوم وصلت آليتان مصفحتان وعلى متنهما عون وحوالي 20 من أعوانه، وتوزعوا على مقر السفارة ومنزل السفير في ما كان يسمى فيلا الأمير، وحرصت على إنزال الجميع الى الطبقة الموجودة تحت الأرض وبقيت مع عون وعدد من حراسه في الطبقة الأرضية.

   * وروى آلا انه من هذا المكان أجرى اتصالاً هاتفياً بالهراوي وقال له: «ان عون الآن في دار السفارة، فماذا نفعل؟». فأجاب الهراوي انه ينبغي ان يعلن (أي عون) انه ينضم الى قائد الجيش في حينه إميل لحود ويطلب من الجيش أن ينضم لهذه القيادة وبهذا الشرط فقط يتم وقف إطلاق النار، «فبدأت أناقش مع عون لإقناعه بضرورة الإدلاء بمثل هذا التصريح العلني»، فسألني: «كيف وبأي وسيلة». ثم اتصل بمدير إذاعة لبنان آنذاك، رفيق شلالا المستشار الإعلامي السابق للرئيس أمين الجميل، فقال له انه وصل الى السفارة الفرنسية وأنه يريد التفاوض.

   * وقال آلا انه عاد واتصل بالهراوي وقال له انه سيعطيه عون ليتكلم معه. فرفض الهراوي قائلاً: «التفاوض سيكون عبرك». فسألته متى ستعطى الأوامر لوقف إطلاق النار، فقال: «ان وزير الدفاع ألبير منصور سيتصل بك». فتأخر اتصال منصور، وعند حصوله طلب من عون أن يوجه أمراً شخصياً لوحداته للالتحاق بلحود وأن يضعوا أنفسهم تحت قيادته شخصياً، وعندها سألته عما إذا كان وجود عون في السفارة كاف للتفاوض على وقف إطلاق النار من دون أي إذلال له، إذ انهم كانوا بدأوا مسار قتله سياسياً، فقال لي ينبغي أن يسمع صوت العماد على الإذاعة وإلا فلا وقف لإطلاق النار، لأن ذلك سيكون أكثر مصداقية بالنسبة الى جنوده، وعندها حاولت إقناع عون وتمكنت من ذلك لأنه أراد تجنب إراقة الدماء.

   * وأضاف الجنرال عون في حديثه لجريدة الحياة : "عندما وصلنا إلى السفارة الفرنسية لم يتوقف إطلاق النار وطلبوا أن أعلن تسليم القيادة إلى إميل لحود في الإذاعة، ففعلت ذلك في البيان الشهير: "بسبب الظروف السياسية والقتالية والعسكرية الراهنة، وحقنًا للدماء، وتخفيفًا للأضرار، وإنقاذًا لما تبقى، أطلب من أركان قيادة الجيش تلقي الأوامر من العماد إميل لحود".، لكن ذلك لم يوقف النار على الرغم من أنني كنت قد أبلغت غرفة العمليات في اليرزة ومديرية المخابرات عن صدور البيان وطلبت منهم أن يتصلوا بالعماد لحود ويضعوا أنفسهم تحت تصرفه. بدأت تردنا أخبار المجازر وجرائم الحرب في بسوس وضهر الوحش ودير القلعة حيث لا يزال مصير عدد من الجنود مجهولاً".

ثالثاً: تفاصيل المعركة:

   اجتاحت القوات السورية منطقتي المتن وبعبدا عبر سبعة محاور :

1 _ محور الضاحية الجنوبية الحدث قصر بعبدا.

2-  محور سوق الغرب المعروفية بسابا الجمهور اليرزة .

3-  محور مار مخايل غاليري سمعان مستديرة الصياد الفياضية.

4-  محور قرطاضه المونتفردي المكلس.

5-  محور الدوار بكفيا .

6 _ محور المعروفية كفرشيما.

7_ محور قرطاضه بيت مري.

   اشتعل القتال بين الجيشين اللبناني والسوري عند الساعة السابعة وخمس دقائق صباح 13 تشرين الأول وحاول السوريون عبثاً اختراق خطوط دفاع الجيش اللبناني تحت غطاء من القصف الجوي والمدفعي والصاروخي، فتصدى لهم الجيش اللبناني والأهالي وخسروا مئات الشهداء، وبعد مقاومة عنيفة دخلت القوات السورية ونفّذت مجزرة كبيرة في مناطق ضهر الوحش، سوق الغرب، بسوس، الحدث، وبيت مري ذهب ضحيتها مئات القتلى والجرحى حيث اختار جنود اللواء العاشر بإمرة الرائد طنوس أن يقاوموا حتى النهاية، في منطقة ضهر الوحش، فقتل أكثرهم في تلك المعركة، بينما جرى اعتقال العشرات من ضباط وجنود الجيش اللبناني والمدنيين ونقلوا الى المعتقلات السورية حيث لا يزالون معتقلين هناك... وعند الساعة التاسعة  والنصف اصدر العماد ميشال عون ومن السفارة الفرنسية أمراً الى الوحدات العسكرية المقاتلة بوقف إطلاق النار ، وسلم إمرة الجيش اللبناني إلى العماد إميل لحود. وعمد السوريون أيضاً وطوال ثلاثة أيام الى سرقة محتويات وزارة الدفاع الوطني اللبناني كاملة من أرشيف ومعدات كومبيوتر وخرائط ومعلومات تاريخية إستراتيجية ونقلوها الى سوريا.

   وأشار العميد فؤاد عون في كتابه المذكور آنفاً إلى ما حصل بعد اجتياح القصر الجمهوري: " شوهد السيد ايلي حبيقة على رأس قافلة من خمس سيارات مصفحة تضم عناصر من مقاتليه على الطرق المؤدية إلى القصر الجمهوري في بعبدا حيث زار القصر..."، وأضاف آلا انه بعد ذلك احتلت القوات السورية قصر بعبدا، وبعد ذلك وصلت زوجة عون وبناته الثلاث مع عدد من العسكريين الى السفارة برفقة إيلي حبيقة، في مشهد سوريالي، إذ ان حبيقة كان مع العماد السوري علي ديب الذي احتل قصر بعبدا حيث وجدت عائلة عون، وقد سأل (حبيقة) زوجة عون عن المكان الذي ترغب في الانتقال اليه فقالت إنها تريد الالتحاق بزوجها في السفارة الفرنسية، فأقنع حبيقة السوريين بأنه سيهتم شخصياً بالقضية ونقلت العائلة الى السفارة.

   وذكر آلا ان حبيقة كان مديناً لعون وأراد تسديد دينه كون عون أنقذ حياته في إحدى المرات

 

رابعاً: الارتكابات والمجازر:

   أعدّ فريق تحقيق تابع لإحدى مؤسسات حقوق الإنسان العالمية تقريراً يظهر فيه بشاعة المحتل السوري وإجرامه تم رفعه الى الأمم المتحدة بحيث تضمن معلومات موثقة تنشر للمرة الأولى عن الانتهاكات الدامية لحقوق الإنسان والاغتصابات والإعدامات الجماعية والاعتقالات التي ارتكبها جيش الاحتلال السوري في لبنان في ذلك اليوم.

   تستند المعلومات الواردة في هذا التقرير الى مقابلات مع شهود عيان عن الانتهاكات التي ارتكبت خلال الاجتياح السوري يوم 13 تشرين الأول عام 1990 أو مقابلات مع ضحايا لهذه الانتهاكات . إضافة الى شهادات عينية لأطباء لبنانيين وأجانب عاينوا عشرات الجثث التي نقلت الى مستشفياتهم مشوهة الأجزاء نتيجة عمليات التنكيل البربرية التي ارتكبها السوريون انتقاماً من جنود جيشنا اللبناني والمواطنين اللبنانيين الأبرياء والعزل .

   استمع فريق التحقيق الى شهادة أطباء شرعيين عاينوا 73 جثة جندي وضابط من الجيش اللبناني قتلوا بإطلاق النار  على رؤوسهم من الوراء . وأكّد أطباء آخرون  ان أكثر الشهداء كانوا معصوبي الأعين ومقيدي اليدين. وروى طبيب ان عددا من الشهداء قتل ذبحا بواسطة السكاكين وانتزعت أعضائه التناسلية وجرى تشويه جثثهم .

   أما جريدة "الاوريون - لوجور" الناطقة بالفرنسية التي أشارت في أعدادها المتتالية ولا سيما في 19 تشرين الأول الى التجاوزات التي ارتكبتها قوى عدة وفي طليعتها السوريون . وتمكن الفريق من الاطلاع على نص مقابلة أجراها احد محرري الجريدة مع سيدة لبنانية في بلدة بسابا ، شاهدت السوريين يقتادون زوجها وولديها الى خارج منزلهم في ضاحية بيروت الجنوبية المسيحية ويعدمونهم رميا بالرصاص .

   كما أورد الصحافي بيار عطالله في كتابه لبنان تحت الاحتلال ص 23 الارتكابات والمجازر الحاصلة على يد القوات السورية نهار السبت 13 تشرين:

_ قتل الأسرى العسكريين .

   نقلت 73 جثة ضابط وجندي الى مستشفى بعبدا الحكومي بعد ظهر 13 تشرين الأول . وأكدت تقارير الأطباء الشرعيين ان كل جثث الشهداء أصيبت برصاصة في أسفل الجمجمة من الوراء .

   نقلت ثلاث جثث لعسكريين في الجيش اللبناني الى مستشفى قلب يسوع في الحازمية وأفاد الأطباء ان احد الشهداء قد ذبح بواسطة السكين أما الثاني فأطلقت النار على رأسه وكذلك الجندي الثالث جرى تشويه جثته.

 قدمت اللائحة الآتية من الشهداء الذين أعدمهم الجيش السوري: الرائد جورج زعرب .

* الكتيبة 101:  17 جنديا أعدموا رميا بالرصاص منهم الرقيب إبراهيم عيد، الرقيب شعلان البيطار، الرقيب حنا أبو ملهب، الجندي اوهانس باداسليان .

* الكتيبة 102: أعدم السوريون 26 جنديا من عديدها فيما تمكن جنديان من الفرار. ومن أسماء الشهداء  الملازم أول جورج سولهم، الرقيب أكرم حنا، الجندي غسان علي، الرقيب أول كميل مخلوف، الرقيب موريس سلامة، الجندي سمعان ادم، الرقيب بطرس يمين، الرقيب أول فادي عبد الكريم، العريف رونالد سلامة، الجندي مارون هنود، الرقيب أول جورج شمعون، الرقيب أول ريمون حدشيتي، الرقيب فريد فريحة،  الرقيب جوزف راشد، الرقيب نبيل فارس، الجندي عامر البايع، العريف حيدر عبدو .

* الكتيبة 103: أعدم السوريون 28 من عناصرها .

* الكتيبة 104: أعدم السوريون خمسة من عناصرها عرف منهم العريف فارس يواكيم .

* الكتيبة 105: أعدم السوريون أربعة من عناصرها .

* الكتيبة 54: قتل السوريون منها الجندي عماد سلامة .

* الكتيبة 81: أعدم منها السوريون الرقيب بسام شاهين والجندي حسين مرعي .

* الكتيبة 85: أعدم منها السوريون الرقيب مروان الزغبي .

v  الكتيبة 95: أعدم منها السوريون الرقيب أول ماجد عطايا .

v لواء الأنصار: أعدم منه السوريون العريف روني أبو نقولا والجندي كلود جتي .

v اللواء اللوجستي: أعدم منه السوريون الجنود رالف سركيس والياس القاضي والرقيب أول مارون يونس .

v المدرسة الحربية: أعدم السوريون منها التلامذة الضباط بيار أبو يوسف، علي لبيب، ربيع بو زيدان .

v فوج المغاوير: أعدم منه السوريون الجندي وليد أبو اسعد .

v الحرس الجمهوري : أعدم منه السوريون العريف سمير اسطفان، الرقيب جورج اسحق، الرقيب سيمون مخول، الرقيب شاهين شاهين، الرقيب أول سهيل رزق، الرقيب أول نعيم متري، الرقيب أول محمد الحدشيتي، الرقيب أول شربل حنيني، الرقيب أول جورج لطوف، الرقيب أول غسان أبو عباس والجنود غابي مخلوف، خازم صالح واحمد العموجي .

v نقل شهود عيان من بلدة بيت مري - جبل لبنان ان وحدة خاصة من الجيش السوري اعتقلت 24 جنديا من الجيش اللبناني في موقع دير القلعة الأثري واقتادتهم الى احد المغاور المهجورة وأجهزت عليهم بواسطة القنابل اليدوية والرشاشات .

_ السرقات .

   سجل فريق التحقيق واستنادا الى تقارير الشرطة اللبنانية لائحة طويلة من السرقات التي قام بها الجيش السوري بعد اجتياحه وخصوصاً على المحاور التي تقدم منها السوريون. عمليات النهب والسرقة في مناطق الحدث وبعبدا وعين الرمانة . كما تسنى للفريق لقاء عدد من ضباط الجيش اللبناني الذين أفادوا عن قيام السوريين بسرقة كل ملفات وزارة الدفاع الوطني اللبناني والجيش اللبناني والقصر الجمهوري ونقلها بواسطة الشاحنات الى مراكزهم .

_ قتل المدنيين .

v اختفت اثار الراهبين الانطونيين البر شرفان وسليمان ابي خليل من دير القلعة _ بيت مري اثر دخول القوات السورية اليه .

   v ارتكب السوريون مجزرة جماعية في بلدة بسوس - بعبدا ذهب ضحيتها ستة من عائلة صياح

       وخمسة من عائلة صادر وأربعة ضحايا من عائلات مختلفة .

  

عمليات الخطف والاعتقالات .

   اعتقلت القوات السورية التي احتلت مبنى وزارة الدفاع الوطني الضباط الآتية أسماؤهم:

من داخل مبنى وزارة الدفاع الوطني ومن مراكز عملهم: العميد الركن فؤاد عون: نائب رئيس الأركان للتجهيز، العميد لويس خوري: رئيس مكتب قائد الجيش والعقيد الركن عامر شهاب: مدير المخابرات والعقيد كرم مصوبع: معاون مدير المخابرات والمقدم فؤاد الأشقر والمقدم توفيق ضوميط والمقدم فايز كرم والرائد مارون بو ديوان والرقيب الأوّل نقولا كرم: سائق المقدم فؤاد الأشقر.

من مراكز عملهم في الثكنات: العميد شامل موزايا: قائد اللواء الخامس والعميد مخول حاكمه: قائد اللواء العاشر والنقيب ميشال كرم.

من منزله وبعد عدة أيام: العقيد صلاح منصور

   بعد اعتقالهم نقل الضباط إلى السجون السورية حيث أمضى العمداء لويس خوري وشامل موزايا ومخول حاكمه والرائد مارون أبو ديوان خمسة وأربعون يوماً أما الباقون فقد أمضوا خمسة أشهر. 

   كما أقدم  السوريون على اختطاف عشرات الجنود اللبنانيين ونقلهم الى مقر قيادة الاستخبارات السورية في عنجر ومنها الى المعتقلات السورية .

خامساً : المعاملة السيئة وانتهاك كرامة المواطنين اللبنانيين .

   القضية التي لا تغيب في الذكرى هي مأساة المعتقلين اللبنانيين في السجون السورية وصورهم. صحيح انه عثر على جثث شهداء عسكريين وضباط في مدفن ملعب وزارة الدفاع، لكن ثمة أسماء كثيرة لا تزال مجهولة المصير، في مقدمها الراهبان الانطونيان ألبر شرفان وسليمان أبي خليل، وعسكريو دير القلعة والحدت ومنهم جهاد جورج عيد وغيره ممن شوهدوا معتقلين لدى القوات السورية ثم اختفت آثارهم (…) ويخشى متابعون للملف ان يكون ما يجري في سوريا من أحداث وسقوط آلاف الضحايا والمفقودين والمعتقلين قسراً يجعل من العبث المطالبة بجلاء مصير بضع عشرات من اللبنانيين،

   وفي شهادة للجنرال الى "جريدة النهار" في 20 كانون الأول 2000 ما حرفيته: "ان أياً من العسكريين المتمركزين في موقع دير القلعة – بيت مري والذين كانوا يتبعون اللواء العاشر، خلال المعركة مع السوريين لم يقتل، وكذلك الراهبان الانطونيان ألبير شرفان وسليمان أبو خليل اللذان شاهدهما الأهالي وتحدثوا معهما بعد هدوء المعارك، لكن الجيش السوري لم يتعامل معهم كجيش صديق، بل أسر العسكريين اللبنانيين والراهبين واختفت آثارهم جميعا، علما أنهم شوهدوا في قافلة للجيش السوري في بلدة قرنايل وجرى تجميعهم في بحمدون في إشراف الأمن السياسي ونقلوا من هناك الى السجون السورية (...)". وسأل عون حينها: "إذا كانوا قد قتلوا خلال المعارك كما يدعون فأين رفاتهم؟ وهل يعقل ان يختفي رماد 35 عسكرياً وراهبين هكذا؟". واعتبر ان المعتقلين "ليسوا مفقودين ولا مخطوفين بل أسرى لدى الجيش السوري، وخصوصا أنهم لم يفقدوا في ظروف مجهولة، ومن أسرهم معروف جدا وليس ميليشيا، بل القوات السورية النظامية".
   ان قضية الراهبين الانطونيين البر شرفان وسليمان أبو خليل، اللذين لم يسقطا خلال معارك عسكرية ولم تفقد آثارهما عند احد حواجز الميليشيات لكي يصبحا في عداد المفقودين في الحرب اللبنانية. بل هما ضحيتا اعتقال قسري استناداً الى تعريف الأمم المتحدة للاعتقال التعسفي.  والأدهى ان السلطات اللبنانية عمدت الى البحث عن رفاتهما ورفات العسكريين الذين كانوا في بيت مري استناداً الى رواية  لأحد الجنود اللبنانيين ادعى حصول مجزرة هناك. لكن شيئاً من البقايا البشرية لم يعثر عليه رغم البحث العلمي الكبير الذي قامت به وحدات الجيش. وهذا ما يعيد الأمور الى نقطة الصفر أي البحث في رواية جيران دير القلعة وتصريح العماد ميشال عون، عن اقتياد الراهبين قسرا وفي وضح النهار.

   وفي ما يلي تقرير نشرته لجنة "سوليد" عام 2004، بعد مضي 14 عاماً على اختطاف الراهبين الانطونيين في جريدة النهار خاص عدد تاريخ 12/10/2013 وفيها شهادة للمعتقل السياسي السوري المفرج عنه من سجن تدمر هيثم نعال أقدم سجين سياسي في العالم (28 عاماً في الاعتقال)، الذي أكد لأعضاء "سوليد" انه شاهد الأبوين الانطونيين في الجناح الخامس (أو الباحة الخامسة حسب تسمية السجناء) مطلع التسعينات. وأشار نعال لفريق "سوليد" الى ان الجناح المذكور يضم 28 زنزانة انفرادية فوق الأرض و12  زنزانة انفرادية تحت الأرض وستة مهاجع الى غرف للاعتقال الجماعي إحداها كانت تسمى "غرفة الكتائب" لكونها مخصصة للمعتقلين اللبنانيين(...).

    واستناداً الى التقرير لم يكن الأبوان شرفان وأبي خليل الكاهنين الوحيدين، بل كان ثمة كهنة آخرون من القامشلي في سوريا، وكان آمر المعتقل في تلك الفترة العميد غازي الجهني يساعده الرائد سليمان عدرة ومجموعة من الضباط. ويشرح تقرير "سوليد" ان الباحة الخامسة ظلت مليئة بالمعتقلين اللبنانيين حتى نهاية صيف 2001 حين صدر الأمر بنقلهم الى معتقلات أخرى ومن ضمنهم الكهنة. وخلال العام 2005، بعد انسحاب الجيش السوري، تقدم سجين فلسطيني في سجن روميه يدعى صالح عبد الدايم بشهادة تفيد انه كان سجيناً مع الأبوين في معتقل الحسكة في سوريا.

   وبتاريخ 12/10/2013 أصدر رئيس دير مار يوحنا المعمدان - دير القلعة - بيت مري الأب نجيب بعقليني بيانا، عشية ذكرى تغييب الأبوين ألبير شرفان وسليمان أبو خليل لفت فيه الى أن بعض المسؤولين لا يتعاونون في كشف الحقيقة وقد جاء فيه: "يعود تذكار تغييب الأبوين ألبير شرفان وسليمان أبو خليل كل عام ونبقى ننتظر علامات أمل ورجاء بعودتهما سالمين الى هذا الدير الأثري الحامل عدة حضارات وثقافات حيث غيبا منه في حرب 13 تشرين الأول 1990 مع من كان في الدير. إنها لمأساة حدثت وتتكرر مع الأيام حيث الجرح ينزف والقلق يكبر على مصيرهما، للأسف يضعف الأمل في معرفة مصيرهما لأن بعض المسؤولين لا يتعاونون على كشف الحقيقة... نتوجه الى جميع اللبنانيين للصلاة من اجل الشهداء الأبرار والأسرى والمغيبين لكي تتم إرادة الله. كما نتمنى لوطننا السلام وعودة الطمأنينة وازدهار الحياة الروحية والاقتصادية، فهكذا يبقى اللبناني متمسكا بأرضه وبتأمين حياة كريمة تليق بخليقة الله. ونشدد على السعي الجدي لكشف مصير الأسرى والمغيبين كافة ولا سيما الأبوين شرفان وأبو خليل، ونطالب أجهزة الدولة بمواصلة العمل الجدي مع سائر المعنيين لا سيما الذين احتلوا هذا الدير ودمروه في تلك الفترة. ونشير الى ان الصلوات والقداسات تقام في الدير طيلة هذه الأيام من اجل تحقيق ما تم إعلانه".

  
   أجمل يوم والأكثر حسناً في حياة سونيا (مواليد 1937) هو يوم ميلاد ابنها جهاد (مواليد 29 نيسان من عام 1970) حينما يلتفّ أولادها من حولها للاحتفال بعيد ميلاد أخيهم العريف في الجيش اللبناني والمختطف منذ 13 تشرين الأول عام 1990  من منطقة الحدث. وبعدما توسّلت عدداً من المعنيين في لبنان وسوريا، تمكّنت من زيارته في العام 1991 في سجن فلسطين السوري لدقائق معدودة، كانت أصعب ما حصل معها في حياتها لدى رؤيتها لابنها الهزيل من وراء القضبان الحديدية من دون أن يُسمح لها بالتحدّث إليه. تقول سونيا إن هذه اللحظات منعتها من النوم لليالي كثيرة، وسماعها لاحقاً من المفرج عنهم بأنه ملقّب بجهاد الأعرج، وهذا كان كافياً ليصيبها بمرض السكري والضغط. يحاول أولادها الثلاثة زياد وعماد ونتالي تعويضها عن المرارة التي ذاقتها، لكنهم لا يستطيعون أن ينسوها أن صغيرها "ربما يقبع تحت الأرض ولا يأكل إلا فتات الخبز العفن ولا يرى الشمس فكيف أضحك وأستمتع بحياتي؟". والدة المعتقل جهاد عيد، سونيا عيد لجريدة ....

   لقد اعتقد النظام السوري أن بمقدوره خنق روح المقاومة اللبنانية والقضاء على إرادة الشعب اللبناني وتدجينه. لكن 13 تشرين الأوّل 1990 تحوّل الى محطة للعنفوان وللكرامة وللصمود في تاريخ لبنان الحديث، برهن فيه الأحرار من هذا الوطن عن تشبثهم بحرية بلادهم وعن رفضهم للاحتلال والخضوع لأساليب العصابات السورية المسلّحة، التي عاثت فساداً في البلاد. ولهذا أصبح 13 تشرين ملحمة وعرساً للحرية وللبسالة وساحة للشهداء في سبيل ديمومة ووحدة لبنان الحر الأبيّ. (الدكتور دريد بشراوي).

المحامي جوزف وانيس

 

 

 

 

ADMIN

وُلد المحامي جوزف أنطوان وانيس في بلدة الحدث قضاء بعبدا _ محافظة جبل لبنان _ عام 1978، وتربّى منذ طفولته على حُبّ الوطن والتضحية من أجل حريّة وسيادة واستقلال لبنان. درس الحقوق في الجامعة اللبنانية _ كلّيّة الحقوق والعلوم السياسيّة _ الفرع الثاني، وتخرج فيها حاملًا إجازة جامعيّة عام 2001، وحاز في العام 2004 دبلوم دراسات عُليا في القانون الخاصّ من جامعة الحِكمة _ بيروت. محامٍ بالاستئناف، مُنتسب إلى نقابة المحامين في بيروت، ومشارك في عدد لا يُستهان به من المؤتمرات والندوات الثقافيّة والحقوقيّة اللبنانيّة والدوليّة والمحاضرات التي تُعنى بحقوق الإنسان.

Related Posts
Comments ( 0 )
Add Comment