التبويبات الأساسية

المجلس الدستوري يرد الطعن بقانون الإيجارات

المجلس الدستوري يرد الطعن بقانون الإيجارات

أصدر المجلس الدستوري قراره في شأن الطعن بقانون الإيجارات، فقبل في الشكل المراجعة الواردة من 12 نائبا ضمن المهلة القانونية مستوفية جميع الشروط الشكلية المطلوبة، وردها في الأساس لأسباب أوردها بالتفصيل، ومنها أن القانون المطعون فيه لم يخرق مبدأ المساواة الذي ضمنه الدستور، ولم ينتهك مبدأ الفصل بين السلطات.

وهنا نص قرار المجلس الدستوري رقم 3/2017، المنشور في العدد 10 من الجريدة الرسمية الصادرة في 28/2/2017.

"المستدعون: النواب السادة:

زياد أسود وناجي غاريوس وخالد الضاهر وعباس هاشم وآغوب بقرادونيان ومروان فارس والوليد سكرية وعبداللطيف الزين وعاصم قانصوه وأمل أبو زيد ودوري شمعون ونقولا فتوش.

القانون المطعون في دستوريته:

قانون الايجارات النافذ حكما رقم /2/ الصادر في الجريدة الرسمية عدد /10/ تاريخ 28/2/2017.

إن المجلس الدستوري،

الملتئم في مقره بتاريخ 30 / 3 /2017، برئاسة رئيسه عصام سليمان وحضور نائب الرئيس طارق زياده والأعضاء: أنطوان مسرة، أنطوان خير، زغلول عطية، توفيق سوبره، سهيل عبد الصمد، صلاح مخيبر ومحمد بسام مرتضى وتغيب أحمد تقي الدين بداعي المرض.

وعملا بالمادة 19 من الدستور،

وبعد الاطلاع على ملف المراجعة وسائر المستندات المرفقة بها، وعلى تقرير العضو المقرر المؤرخ في 22/3/2017،

وبما ان السادة النواب المذكورة أسماؤهم أعلاه تقدموا بمراجعة سجلت في قلم المجلس الدستوري بتاريخ 14/3/ 2017، ترمي الى وقف العمل بالقانون المطعون في دستوريته وابطاله،

وبما ان السادة النواب الذين تقدموا بالمراجعة أدلوا بالأسباب الآتية:

إن القانون المطعون في دستوريته خالف القانون الدستوري والمبادئ الدستورية والاتفاقيات الدولية المنضم اليها لبنان والموقعة منه والمكرسة في مقدمة الدستور اللبناني،

لم يلتزم المجلس النيابي بقرار المجلس الدستوري بتأمين حق السكن وتوفيره، وهو ذو قيمة دستورية وشرط أساسي لتحقيق الأمن الاجتماعي،

إن القانون المطعون في دستوريته خالف حقوقا أساسية ومنها عدم المحافظة على الحق في السكن، والمجلس الدستوري ملزم بإجراء الرقابة الدستورية المتعلقة بهذه المواد التعديلية وباتصالها بمجمل مواد القانون لترابط المواد ببعضها:

في رقابة المواد القانونية لضمان والحماية الدستورية وتأمينها وتطبيقها في المواد التعديلية وباتصالها بباقي مواد القانون، وإبطالها جزئيا وكليا،

عدم جواز تعديل أو الغاء في قوانين لاحقة، النصوص النافذة السابقة والضامنة لهذه الحريات والحقوق الأساسية للسكن.

إبطال المواد /3 و58 و60/المعدلة من القانون المطعون فيه، لمخالفتها المادتين /51 و57/ من الدستور، ولتعليق القانون على شرط بعد نشر ونفاذ القانون، وللقانون رقم /646/الصادر في 2/6/1997.

إبطال القانون جزئيا وكليا، لمخالفته حقوقا أساسية ومنها عدم المحافظة على حق السكن ذي القيمة الدستورية ومخالفة الفقرات "ج"،"ز"،"ط"،"ي" من مقدمة الدستور وضرب المساواة في الحقوق والواجبات بين جميع المواطنين دون اي تمييز، مخالفة للإنماء المتوازن ومخالفة لامكانية السكن على اي جزء من الاراضي اللبنانية، وضربا لميثاق العيش المشترك، مخالفة القانون المطعون فيه وتعديلاته الفقرات "ج"،"ز"،"ط"،"ي" من مقدمة الدستور بضرب ميثاق العيش المشترك والانماء المتوازن والحق في الاقامة على الاراضي اللبنانية والمساواة أمام القانون،

يضرب القانون المطعون فيه وتعديلاته صيغة العيش المشترك المكرسة في الفقرة "ي" من المقدمة، وجود حوالي ثلاثة ملايين أجنبي والتغيير الديموغرافي وتهديد الأمن الوطني،

الشركات العقارية وإفراغ مدينة بيروت والمحافظات والمناطق.

الفرز الطائفي والمذهبي وتهديد الأمن الوطني

مخالفة القانون المطعون فيه وتعديلاته الدستورية لناحية إنصاف المالكين وعدم إعطاء المستأجرين حقوقهم، لا سيما المادة /7/ من الدستور والفقرة "ج" التي توجب العدالة الاجتماعية والمساواة في الحقوق والواجبات بين جميع المواطنين دون تمايز وتفضيل،

إبطال القانون المطعون فيه وتعديلاته لمخالفته الاتفاقيات الدولية ومقدمة الدستور: مخالفة الاعلان العالمي لحقوق الانسان والعهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية والعهد الدولي الخاص بالحقوق الاقتصادية والاجتماعية والقضائية، ومخالفة الاتفاقية الدولية للقضاء على جميع أشكال التمييز العنصري ومخالفة إتفاقية القضاء على جميع أشكال التمييز ضد المرأة ومخالفة اتفاقية حقوق الطفل ومخالفة موجبات الدولة بالالتزام بالاتفاقيات الدولية ومقدمة الدستور والمبادئ الدستورية في المحافظة على حق السكن.

إبطال المواد المعدلة، /3 و4 و10 و38/ لتمييزها بين المواطنين في الأماكن السكنية ذاتها، وبين الأماكن غير السكنية والاماكن السكنية، ومخالفة مقدمة القانون وتعديلاته للفقرة "ج" من مقدمة الدستور والمادة /7/ منه.

إبطال المواد /3 و4 و10/ المعدلة، بسبب التمييز بين المواطنين أنفسهم وبينهم وبين غير اللبنانيين في الأماكن السكنية للاستفادة من الصندوق، وإبطال المادتين /22 و24/المعدلتين من القانون المطعون فيه للتمييز في التعويض بين الأماكن السكنية وغير السكنية التي كانت تعتبر فخمة.

إبطال المادتين /20 و38/ المعدلتين للتمييز بفرض بدلات ايجار مرتفعة في الأماكن السكنية، وإعفاء المستأجرين أو دفعهم زيادات بدلات ايجار رمزية في الأماكن غير السكنية، مخالفة للفقرة "ج" من مقدمة الدستور والمادة /7/ منه.

إبطال المادتين /3 و10/ المعدلتين لمخالفتهما مبدأ إنقاص الضمانات المعطاة للمستأجرين في المحافظة على حق السكن والمساواة أمام القانون والعدالة الاجتماعية المنصوص عنهما في الفقرة "ج" من مقدمة الدستور والمادة /7/ منه.

التمييز بين المواطنين أمام القانون في الاستفادة من الصندوق والحساب ومخالفة مبدأ المساواة بين المواطنين المنصوص عنه في الفقرة "ج" من المقدمة والمادة /7/ من الدستور.

إبطال المادتين /4 و22/ المعدلتين من القانون لحرمان غير اللبنانيين من الصندوق والحرمان من كافة التعويضات، مما يشكل مخالفة لمبدأ المساواة أمام القانون وللعدالة الاجتماعية المنصوص عنهما في مقدمة الدستور والمادة /7/ منه ولاتفاقية القضاء على التمييز العنصري بكافة اشكاله.

إبطال المواد المعدلة والقانون برمته، لعدم المساواة بين المواطنين أمام القانون ولمخالفة العدالة الاجتماعية المنصوص عنه في مقدمة الدستور والمادة /7/ منه.

لتعليق القانون على شرط مستقبلي بانشاء الصندوق (المادتان /3 و58/ المعدلتان).

لتعليق نفاذه بحق قسم من اللبنانيين وتنفيذه بحق قسم آخر (المواد 3 و55 و58 و60 المعدلة الجديدة).

التمييز في بدء المهل غير الموحدة على جميع اللبنانيين إستنادا للمواد /3 و55 و58 و60 المعدلة الجديدة/.

لمخالفة المبادئ الدستورية في آنية تنفيذ القوانين بعد صدورها، ولأنه نص على أربع مهل على الأقل لبدء تطبيقه، وبشكل متناقض بعضها مع بعض، الأمر المخالف للمبدأ الدستوري في التطبيق الآني للقانون بعد صدوره مما يؤدي الى فراغ تشريعي.

إبطال المادتين /58 و59/ لمخالفتهما مبدأ فصل السلطات المكرس في الدستور.

إبطال القانون للتناقض بين إنشاء الحساب وإنشاء الصندوق.

إبطال المواد /3 و10 و15 و20 و22 و45 و46/ المعدلة من القانون المطعون فيه

لمخالفة شروط عقد الايجار وتغيير شروطه بإرادة منفردة من الدولة.

إضعاف الضمانات المعطاة للمحافظة على حق السكن، ولمخالفتها مبدأ المساواة والعدالة الاجتماعية المنصوص عنهما في مقدمة الدستور والمادة /7/ منه والاتفاقيات الدولية

إستفادة البعض من الصندوق إستنادا للمادتين /3 و10/ من القانون المطعون فيه.

التمييز في التمديد للأماكن السكنية تسع سنوات للبعض واثنتي عشرة سنة للبعض الآخر.

تحديد بدلات ايجار مبالغ فيها بلغت 4% من قيمة المأجور إستنادا الى المادة /20/ المعدلة الجديدة.

تخفيض التعويض استنادا للمادة /22/ المعدلة وجعله رمزيا إستنادا الى المادتين /22 و24/ ودون اي تعويض للأجانب إستنادا الى البند /4/ من المادة /22/، وهي أسباب كافية لوحدها بتهجير مليون مواطن.

نفقات ترميم البناء كافية لوحدها لتهجير مليون لبناني، إستنادا الى المادتين /45 و46/.

إبطال المواد /22 و32 و55 المعدلة، لتمييزها في تطبيق القانون استنادا الى نوع الدعوى، إذ يطبق قانون الايجارات القديم على قسم آخر، وهناك قسم لا يطبق عليه اي قانون للفراغ القانوني، ولمخالفة مبدأ دستوري بعدم وضوح القانون وتناقضه، وإبطال المادة /32 فقرة د/ والمادة 22 معدلة لمخالفتهما مبدأ فصل السلطات المنصوص عليه في المادة /20/ من الدستور.

إبطال المادة /29/ المعدلة للتناقض الواقع في نصها والمادة /5/ من قانون 160/92، ولمخالفتهما مبدأ المساواة أمام القانون ومبدأ العدالة الاجتماعية المنصوص عنهما في مقدمة الدستور والمادة /7/ منه.

إبطال اللجنة لعدم دستورية تأليفها وخروجها عن صلاحياتها وإختصاصها في تعيين موجب العقد المنصوص عنه في المواد /7 و13 و18 الفقرة الأخيرة المعدلة/.

عدم دستورية تأليف اللجنة بعد تعديلها، وعدم توفر المواصفات القضائية في أعضائها.

مخالفة اللجنة مبدأ فصل السلطات، ومبدأ الحق في اللجوء الى المحاكم الوطنية المختصة لانصافه، إستنادا الى المادة /20/ من الدستور والمادة /8/ من الاعلان العالمي لحقوق الانسان،

لجهة فرض مصاريف تعجيزية على المستأجرين للوصول الى حقوقهم مخالفة للحق وللمبدأ الدستوري المكرس لكل مواطن في المطالبة القضائية والوصول الى حقوقه دون تكلفة،

لعدم اختصاص اللجنة في تعيين بدل الايجار وفي البطلان المطلق لعقود الايجار على مسؤولية الدولة لتغيير الشروط المتفق عليها في القانون المطعون فيه.

بنــــــــــاء علــــى مــــا تــــــــقدم

في الشكل:

بما أن المراجعة المقدمة من اثني عشر نائبا وردت ضمن المهلة المحددة في الفقرة الأخيرة من المادة /19/ من القانون رقم 250/1993 مستوفية جميع الشروط الشكلية، فهي مقبولة شــــــكلا.

في الأساس:

بما ان صلاحيات المجلس الدستوري حددت في المادة 19 من الدستور التي جاء فيها: "ينشأ مجلس دستوري لمراقبة دستورية القوانين..."،

وبما ان المادة /18/الفقرة الأولى من القانون رقم /250/ المتعلق بإنشاء المجلس نصت على ما يلي: "يتولى المجلس الدستوري الرقابة على دستورية القوانين وسائر النصوص التي لها قوة القانون"،

فيكون أي طلب خارج عن اختصاص المجلس الدستوري مستوجبا للرد.

وبما انه يتوجب معالجة الأسباب المدلى بها في المراجعة على التوالي:

أولا: انتهاك حق السكن كمبدأ ذي قيمة دستورية:

أوردت مراجعة الطعن ان القانون المطعون فيه قد خرق حق السكن وخالفه كمبدأ ذي قيمة دستورية.

وبما أن المجلس الدستوري في قراره الرقم 6/2014 تاريخ 6/8/2014 (الطعن في دستورية قانون الايجارات المنشور في ملحق العدد 27 من الجريدة الرسمية تاريخ 26/6/2014) اعتبر أن "توفير السكن للمواطن هدف ذو قيمة دستورية ينبغي على السلطتين الاشتراعية والاجرائية رسم السياسات ووضع القوانين الآيلة الى تحقيق هذا الهدف، وعدم الاكتفاء بتنظيم العلاقة بين المؤجر والمستأجر، وان تنظيم هذه العلاقة هو من صلاحيات السلطة الاشتراعية ويعود لها حق التقدير، وليس من صلاحيات القضاء الدستوري النظر في الملاءمة، غير انه من غير الجائز للمشترع ان يتجاوز الضمانات التي نص عليها الدستور، وتبقى القوانين خاضعة لرقابة القضاء الدستوري من أجل الحفاظ على هذه الضمانات، وأن على السلطة الاشتراعية التوفيق في التشريعات بين الحق بالملكية والحق بالسكن وذلك من خلال عدالة متوازنة قد لا تخلو من ثغرات وشوائب في وسائلها وتطبيقاتها، وأن القانون، المطعون فيه وضع بهدف تحقيق عدالة متوازنة، وأن أي تمييز تفضيلي لوضع مبالغ فيه يشكل خرقا لمبدأ المساواة، وأن تباين الوضع بين المالك والمستأجر هو في طبيعته ووزنه يبرر التباين في المعاملة، وأن المساواة تعني أن لا تستفيد جماعة من منفعة مبالغ فيها، وأن تتعرض جماعة أخرى لغبن مبالغ فيه من قانون عام، وأن مبدأ المساواة يشتمل على مبادئ خاصة في مجال محدد أو في حال تمييز ايجابي بهدف تصحيح وضع اجتماعي وبخاصة ضمان المشاركة في الحياة العامة وليس في قضايا مرتبطة بحق الملكية والسكن، وأن القانون المطعون فيه يسعى الى معالجة متوازنة بين مصالح متناقضة وسلبيات متراكمة وأوضاع هي أساسا غير حقوقية وغير دستورية أحيانا، ما يوجب مقاربة دستورية متكاملة ومتوازنة وعقلانية، وأن القانون المتوازن بين مصالح متباينة قد يحد من حقوق دستورية ولكن لهدف رشيد وضروري انطلاقا من قيم ومرجعيات ومن خلال مقاربة متوازنة، وأن التوازن بين مصالح متباينة يخضع لأربعة عناصر ضرورية في كل مقاربة متوازنة، وهي هدف مشروع وللصالح العام، تحقيق الغاية المرجوة أو على الأقل المساهمة في تحقيقها، الضرورة والتوازن من ناحية الكلفة والمنافع وأن التوازن بين المصالح يتطلب مقارنة المصالح بهدف استخلاص نتيجة معقولة والموازنة في كل قضية متنازع عليها، وتحديد فضائل كل قرار بالحق مع الأخذ بعين الاعتبار الظروف الخاصة في كل حالة، وأن كل توازن متلازم مع درجة مقبولة من التضحية، والتي هي في حالات شائكة ومعقدة، وسيلة من وسائل تحقيق مبادئ حقوق الانسان".

وبما أنه في ضوء الحيثيات السابقة قرر المجلس الدستوري في قراره السابق المشار اليه رد الأسباب المدلى بها وقتذاك لجهة تعارض القانون المطعون فيه، مع العدالة الاجتماعية والمساواة،

وبما أنه لا يسع المجلس الدستوري في الطعن الراهن إلا ان يتبنى الحيثيات السابقة نفسها لأنه لم يجد خرقا ومخالفة لمقدمة الدستور وللمادة السابعة منه وللاتفاقات الدولية المنضوي لبنان تحت لوائها، ولم يبين الطاعنون كيف يخرق القانون المطعون فيه العيش المشترك والانماء المتوازن ويؤدي الى تهجير اللبنانيين والى الفرز الطائفي والمذهبي، وبقيت أقوالهم لكل هذه الجهات عامة وغير مؤيدة بأي دليل،

وبما أن مراجعة الطعن لم تبين كيف يمكن ان يؤدي القانون المطعون فيه الى إفراغ بيروت والمحافظات والمناطق من اللبنانيين ضربا للعيش المشترك والأمن الاجتماعي،

وبما ان المجلس الدستوري في قراره السابق المنوه به بشأن حق السكن بين ان الحريات والحقوق الأساسية التي ضمنها الدستور لم تخرق بالقانون المطعون فيه، وهذا ما ينطبق أيضا على الطعن الراهن، وخاصة ان لا حقوق مكتسبة في عقود الايجارات الممددة، فالحق بالسكن يجب أن توفره الدولة وليس المالك، ومن ضمن الأسس التي قام عليها الاقتصاد اللبناني الذي هو، وفق الفقرة (و) من مقدمة الدستور، "نظام اقتصادي حر يكفل المبادرة الفردية والملكية الخاصة"،

وبما ان ما سبق من حيثيات يبين أن لا خرق ومخالفة للاتفاقات الدولية المنضوي فيها لبنان بشأن التمييز ضد المرأة وحقوق الطفل، لذلك لا يكون القانون المطعون في دستوريته قد تعارض لهذه الناحية والدستور.

ثانيا: التمييز بين المواطنين في الأماكن السكنية ذاتها، وبين الأماكن غير السكنية وبين الأماكن السكنية التي كانت تعتبر فخمة.

بما أن القانون المطعون فيه ميز بين أصحاب مراكز ووضعيات قانونية مختلفة،

وبما أن القانون المطعون فيه قد وضع أحكاما قانونية متباينة لفئات المستأجرين بحسب أوضاعهم، وفي ضوء حق التقدير المتروك للسلطة الاشتراعية والمتعلق بأولويات السياسات العامة،

لذلك لا يكون القانون المطعون فيه لهذه الناحية قد خرق مبدأ المساواة الذي ضمنه الدستور.

ثالثا: التمييز بين اللبنانيين وغير اللبنانيين والتمييز العنصري:

بما أن مراجعة الطعن أوردت ان المادتين /4 و22/ من القانون المطعون فيه حرمتا غير اللبنانيين من مساهمة الصندوق، وأضيف في التعديلات الأخيرة حرمانهم من التعويضات كلها،

وبما ان المادة /4/ المنوه بها نصت على أنه: "لا يستفيد من تقديمات هذا الصندوق المستأجر غير اللبناني"،

وبما ان المادة الثالثة من القانون المطعون فيه في فقرتها الثانية نصت على أنه "يهدف هذا الصندوق الى مساعدة جميع المستأجرين المعنيين بهذا القانون الذين لا يتجاوز معدل دخلهم الشهري خمسة أضعاف الحد الأدنى الرسمي للأجور وذلك من طريق المساهمة في دفع الزيادات "كليا" أو "جزئيا" حسب الحالة التي تطرأ على بدلات ايجاراتهم تنفيذا لأحكام هذا القانون"،

وبما أن القانون المطعون فيه ميز بشأن اللبنانيين بحسب مداخيلهم شرطا لمساهمة الصندوق، اي ميز بين أصحاب مراكز ومواقع قانونية مختلفة لجهة المداخيل الشهرية، وهذا التمييز يندرج في اطار مساعدة ذوي المداخيل المتدنية الذين لا قدرة لهم على دفع ما يترتب عليهم من أعباء مالية، نتيجة دخول القانون المطعون فيه حيز التنفيذ، وبالتالي يندرج هذا التمييز في اطار السعي لتحقيق التوازن الإجتماعي والعدالة الاجتماعية التي نصت عليها مقدمة الدستور، ولا يتعارض مع المساواة التي ضمنها الدستور،

وبما انه لا يجوز تطبيق مبدأ المساواة بين اللبناني والأجنبي، لجهة الحصول على مساعدة من الصندوق، لكونهما لا يقعان في المركز القانوني نفسه، ولا يجوز تحميل الخزينة العامة أعباء دفع مساعدات مالية للمستأجرين غير اللبنانيين،

وبما أن الاعلان العالمي لحقوق الانسان والاتفاقات الدولية أخذت بالاعتبار أوضاع الدول الخاصة، ولم تتناول الحقوق بشكل مجرد عن الأوضاع الواقعية للدول وامكاناتها المادية،

لذلك لا يعتبر التمييز بين اللبنانيين أنفسهم لجهة الاستفادة من الصندوق المنصوص عليه في القانون المطعون في دستوريته، ولا التمييز بينهم وبين الأجانب، مخالفا للدستور وللمعاهدات الدولية وللاعلان العالمي لحقوق الانسان، فللمواطن حقوق على دولته تختلف عن حقوق الأجنبي، وهذا لا يندرج مطلقا في اطار التمييز العنصري، فالقانون المطعون فيه لم يمنع الأجانب، ممن هم في وضع قانوني، من السكن على الأراضي اللبنانية،

وبما أن المادة 22 من القانون المطعون في دستوريته، نصت على استرداد المأجور للضرورة العائلية أو لأجل هدم البناء الذي يقع فيه المأجور، واقامة بناء جديد مكانه، لقاء تعويض حدده القانون في كلتي الحالتين،

وبما أن الفقرة الرابعة من المادة نفسها، أي المادة 22، إستثنت المستأجرين غير اللبنانيين من التعويض في الحالتين المذكورتين أعلاه،

وبما أن الاعلان العالمي لحقوق الانسان يضمن الحقوق والحريات المتعلقة بالكرامة الانسانية،

وبما أن القانون المطعون فيه لم يحرم غير اللبناني من حق السكن على الأراضي اللبنانية،

وبما أن هذا الاستثناء من التعويض لا يتعارض مع الاعلان العالمي لحقوق الانسان و لا مع مقدمة الدستور، لذلك تكون الفقرة الرابعة من المادة 22 من القانون المطعون في دستوريته غير مخالفة للدستور.

رابعا: تعليق القانون على شرط مستقبلي بانشاء الصندوق:

بما أن القانون المطعون فيه أنشأ صندوقا هو حساب مدين للايجارات السكنية المشمولة بأحكامه في المادة الثالثة منه، وعلق في المادة /58/ منه الأحكام المتعلقة بالحساب لحين دخول الصندوق حيز التنفيذ، فلا يكون في الأمر مخالفة دستورية ولا يتعارض ذلك مع نص المادة /60/ من القانون التي تنص على أنه يعمل به فور نشره في الجريدة الرسمية، ما يعني أنه يعمل بالقانون فور نشره بما فيه المادة 58 التي علقت تطبيق أحكام المواد المتصلة بحساب المساعدات والتقديمات كما المراجعات القضائية....وبالتالي لا يكون ثمة تناقض بين المادة 58 والمادة 60 و لاسيما ان هذا التعليق مجرد تدبير اجرائي.

خامسا: التمييز في بدء المهل غير الموحدة على جميع اللبنانيين إستنادا للمواد /3 و55 و58 و60/ من القانون المطعون فيه:

بما أن القانون المطعون في دستوريته حدد مهلا مختلفة لوضعيات دعاوى قانونية مختلفة الواحدة عن الأخرى،

وبما أن تحديد هذه الأحكام القانونية يدخل في دائرة التشريع المتروك للسلطة الاشتراعية، لذلك لا يعتبر تحديد هذه المهل المختلفة من حالة الى أخرى تمييزا بين اللبنانيين، ولا يشكل بالتالي انتهاكا للدستور.

سادسا: طلب إبطال المادتين /58 و59/ لمخالفتهما مبدأ الفصل بين السلطات، المكرس في الدستور:

بما أن أحكام القانون المتعلقة بالصندوق علقت حتى دخوله حييز التنفيذ في المادة /58/ منه، كما وأن المادة /59/ ألغت جميع الأحكام المخالفة لهذا القانون أو غير المتفقة ومضمونه، فلا يكون في الأمر مخالفة أو أي خرق لمبدأ الفصل بين السلطات المكرس دستوريا، طالما أن المادة /6/ منه نصت على أن:"تخضع إدارة أموال هذا الصندوق بما في ذلك أصول الانفاق والجباية لنظام مالي يصدق بمرسوم يتخذ في مجلس الوزراء بناء على إقتراح وزير المالية".

وبما أنه لا خرق ولا مخالفة دستورية في إعطاء السلطة التنفيذية من قبل السلطة الاشتراعية حق إصدار نظام مالي يصدق بمرسوم في مجلس الوزراء، لأن مثل هذا النظام المالي يتطلب أحكاما تقنية وفنية هي أبعد ما تكون عن متناول السلطة الاشتراعية، الأمر المتعارف عليه في الأنظمة الديمقراطية البرلمانية،

وبما أن النظام المالي للصندوق يندرج في اطار المراسيم التنظيمية التي يتطلبها وضع القوانين موضع التنفيذ،

وبما أن المراسيم التنظيمية تدخل في إطار صلاحيات السلطة الإجرائية،

وبما أن المادة 58 علقت المراجعات القضائية وتنفيذ القرارات ريثما يبدأ العمل بتقديمات الصندوق،

وبما أن ما ورد في المادتين 58 و59 من القانون المطعون في دستوريته لا علاقة له بمبدأ الفصل بين السلطات،

لذلك يكون طلب الإبطال بسبب انتهاك مبدأ الفصل بين السلطات في غير محله.

سابعا: التناقض بين إنشاء الحساب وإنشاء الصندوق:

بما أن الفقرة الأولى من المادة الثالثة من القانون المطعون فيه نصت على أنه:"ينشأ حساب مدين للايجارات السكنية المشمولة بأحكام هذا القانون (يشار اليه في هذا القانون بالصندوق) خلال أربعة أشهر من تاريخ نشر هذا القانون، ويكون تابعا لوزارة المالية وتمسك حساباته لدى مديرية الخزينة في هذه الوزارة".

لذلك لا تناقض بين الحساب والصندوق، ولا خرق ولا مخالفة دستورية، طالما أن النص واضح كفاية.

ثامنا: تغيير شروط عقد الايجار بارادة منفردة من الدولة، وإنقاص الضمانات المعطاة للمستأجرين وتحديد بدلات ايجار مبالغ فيها بلغت 4% من قيمة المأجور وتخفيض التعويض وجعله رمزيا، وارتفاع نفقات الترميم في البناء:

بما أن المشترع يتدخل في تعديل شروط التعاقد الأصلي، وخاصة بعد التمديد وإستمرار قوانين الايجارات الاستثنائية لمدة تفوق سبعين عاما، لتحقيق التوازن بين موجبات وحقوق الفريقين في مسألة تعتبر من صميم صلاحياته الاشتراعية وله أن يحدد النسبة من قيمة المأجور، وله أن يحدد القيمة النسبية للتعويض، وأن يحدد من من الفريقين يتحمل نفقات ترميم البناء، كل ذلك عملا بمبدأ المواءمة، مما يخرج هذه الأمور عن إختصاص المجلس الدستوري، لأنها لا تشكل خرقا أو مخالفة للدستور.

تاسعا: عدم دستورية اللجنة في تأليفها وعدم توافر المواصفات القضائية في أعضائها، ومخالفة مبدأ الفصل بين السلطات، ولمبدأ حق كل إنسان في اللجوء الى المحاكم الوطنية لإنصافه:

بما أن المجلس الدستوري في قراره السابق رقم 6/2014 أبطل الأحكام المتعلقة باللجنة لعدم توافر الضمانات القضائية فيها ولأن أحكامها كانت مبرمة وغير قابلة لأية مراجعة،

وبما أن القانون الحالي المطعون فيه إستجاب لقرار المجلس الدستوري وأحاط اللجنة بالضمانات الكافية لجهة درجة القاضي الذي يترأسها ولجهة المواصفات التي يجب أن تتوافر في أعضائها ولجهة إخضاع قراراتها للمراجعة،

وبما أن تأليف لجان شبه قضائية ولجان إدارية ذات صفة قضائية، أمر لا يخالف الدستور طالما تتوافر في تأليفها وفي أعضائها الضمانات القضائية المشار إليها في المادة 20 من الدستور، ولا يخالف مبدأ فصل السلطات، وخاصة في الدولة الديمقراطية البرلمانية التي تعقدت فيها المنازعات المحتوية على دقائق فنية وإقتصادية وإجتماعية وسواها.

وبما أن اللجنة أصبحت محصنة قضائيا بعد التعديلات التي طرأت على أحكامها في القانون المطعون فيه، فلا يكون ثمة خرق أو مخالفة للدستور اللبناني في مادته العشرين، ولا للمادة /8/ من الإعلان العالمي لحقوق الانسان، ولها بالتالي أن تعين بدل الايجار في ضوء الأحكام الواردة في القانون،

عاشرا: فرض مصاريف تعجيزية على المستأجرين للوصول الى حقوقهم مخالفة للمبدأ الدستوري في حق كل مواطن في المطالبة القضائية والوصول الى حقوقه دون تكلفة:

بما أن العدالة في لبنان ليست مجانية، وإن كانت هذه المجانية هدفا مشروعا يتوجب السعي لتحقيقه تشريعيا، وطالما أن هناك قانونا يحدد الرسوم القضائية، وطالما أن الدستور لم ينص على أن العدالة في لبنان هي دون كلفة، فلا يكون ثمة خرق أو مخالفة للدستور.

لهذه الأسباب، وبعد المداولة، يقرر المجلس الدستوري باجماع الأعضاء الحاضرين

أولا-في الشكل:

قبول المراجعة الواردة ضمن المهلة القانونية مستوفية جميع الشروط الشكلية المطلوبة.

ثانيا-في الأساس:

رد المراجعة للأسباب المبينه أعلاه.

ثالثا-إبلاغ هذا القرار الى المراجع الرسمية المختصة ونشره في الجريدة الرسمية.

الديار

30 آذار 2017 الساعة 14:39

editor1

وُلد المحامي جوزف أنطوان وانيس في بلدة الحدث قضاء بعبدا _ محافظة جبل لبنان _ عام 1978، وتربّى منذ طفولته على حُبّ الوطن والتضحية من أجل حريّة وسيادة واستقلال لبنان. درس الحقوق في الجامعة اللبنانية _ كلّيّة الحقوق والعلوم السياسيّة _ الفرع الثاني، وتخرج فيها حاملًا إجازة جامعيّة عام 2001، وحاز في العام 2004 دبلوم دراسات عُليا في القانون الخاصّ من جامعة الحِكمة _ بيروت. محامٍ بالاستئناف، مُنتسب إلى نقابة المحامين في بيروت، ومشارك في عدد لا يُستهان به من المؤتمرات والندوات الثقافيّة والحقوقيّة اللبنانيّة والدوليّة والمحاضرات التي تُعنى بحقوق الإنسان.

Related Posts
Comments ( 0 )
Add Comment