التبويبات الأساسية

قصر بيت شهاب في حارة البطم الحدث

  • قصر بيت شهاب في حارة البطم الحدث-0
  • قصر بيت شهاب في حارة البطم الحدث-1
  • قصر بيت شهاب في حارة البطم الحدث-2
  • قصر بيت شهاب في حارة البطم الحدث-3

قصر بيت شهاب في حارة البطم

الحدث

            في القصر الشهابيّ في الحدث، المليء بالذكريات والتاريخ تكفي ذكريات بنّائيه الذين بنوا هذا القصر الضخم بدءً من سنة ١٦٩٧ على يد الأمير ملحم ، نجل الأمير حيدر الشهابي، أوّل أمير شهابيّ حكم لبنان، وورثه أولاده من بعده، وآخرهم الأمير يوسف الذي قتله الأمير بشير الثّاني، وصولًا إلى انجازه في أوائل القرن السابع عشر 1710،

عرف هذا القصر أحداثا مؤلمة كثيرة في غالبيّتها. فبعد الحرائق والإصابات التي تعرّض لها في القرنين الثّامن والتّاسع عشر ، نقل إليه جثمان الأمير فارس شهاب الذي قضى غرقا في باخرة" تيتانيك". وفي مواسم الحرب كان القصر هدفًا للقصف والصواريخ فتقوّضت حجارة بعض أقسامه. كذلك خطف موظّفون إسبان كانوا يعملون فيه. وآخر محطّات الحزن فيه، مقتل السفير الإسباني بيدرو أريسيغي ووالد زوجته الأديب اللبنانيّ توفيق يوسف عوّاد في نيسان ١٩٨٩ إثر تعرّض القصر للقصف. وعندما دخل الإسبان القصر عمدوا إلى ترميمه وفقا لدراسات عثروا عليها من دون المساس بهندسته الخارجيّة. ولا تزال المكتشفات الأثريّة والتّراثيّة تتوالى أثناء الترميم الذي يجريه السفراء عند الحاجة. وتكشّفت أخيرا عمليّة قشط حائط إحدى الغرف عن لوحة مرسومة على بلاط، أكّد الخبراء اللبنانيّون على أنّها من التراث اللبنانيّ القديم. طرازه المعماريّ يشبه إلى حدّ بعيد هندسة قصر بيت الدين. وعلى جانبي قنطرة مدخله نقش الأسدين ، وفق التقليد الذي كان سائدا في زمن العمارة الشرقيّة ولا سيّما منها عمارة القصور الشهابيّة.

من الباب العتيق الخارجيّ مرورًا بالباحة والبهو إلى مكتب السفير لم تمضِ سوى بضع دقائق، ويجد الزائر نفسه مصافحًا شخصًا في غاية الأناقة، هو السفير، داعيًا إيّاه للتفضّل والجلوس.

وبعد جولة في أرجاء حديقة القصر وفي داخله، حيث جلس السفير مونوز يعزف على البيانو موسيقى بدون التقيّد بالـ«نوتة»، عدنا إلى المكتب ليروي لنا قصّة القصر الذي أصبح دارًا للسفارة:
" حظّنا كبير بأن اشترينا هذا القصر سنة 1964، وكان يملكه الأمير فريد شهاب، وباعه من الدولة الاسبانيّة. وكانت السفارة استأجرته منذ العام 1954، وقد بذل السفراء الذين سبقوني، جهدًا للمحافظة على قِدَم وتاريخ هذا البناء الذي يستحقّ أن يكون شيئًا في تاريخ لبنان. انّه قصر بَنَته عائلة شهاب سنة 1797، وكان أصحاب القصر يملكون من برمانا جبلًا، حتّى خلده ساحلًا، وكانوا يقيمون في هذا القصر الذي يشبه مدخله تمامًا مدخل قصر بيت الدين. لقد اشترينا القصر ورممّناه وصرفنا الأموال لأجل تحسينه وتجميله بما يتلاءم مع قدمه وتاريخه الأثريّ، وقد توفّي فيه زميلي السفير السابق المرحوم دي اريستيغي بفعل قذيفة أصابت السفارة وقتلته خلال الحرب التي لم تقفل خلالها سفارة اسبانيا يومًا رغم قساوة الظروف. واننا نستقبل هنا اليوم تلامذة المدارس الذين يحضرون للتفرج على القصر الذي تحول الى دار للسفارة، والذي يدلّ على تاريخ لبنان الكبير.

إلى ذلك ، فان التقسيم الإداريّ في عهد المتصرفيّة كان أنشأ سبعة أقضية وقسّم الأقضية الى مديريّات. وشكّل ساحل النصارى مديريّة من مديريّات قضاء المتن. وكان هذا الساحل بدوره مقسومًا الى قسمين: الساحل التحتانيّ المشتمل على قرى الشياح والغبيري وحارة حريك وبرج البراجنة والمريجة وتحويطة الغدير والليلكي (وهذه معروفة اليوم باسم الضاحية الجنوبيّة) والساحل الفوقانيّ الذي يضمّ بعبدا والحدث ( بما فيها سبنيه وحارة البطم ) وكفرشيما وبطشاي ووادي شحرور.

كانت هذه المنطقة مثالاً لتعايش المسيحيّين والمسلمين. وهي منطقة مترامية الأرجاء وتمتدّ من النهر اليابس، أو مفرق عرمون جنوباً الى برج حمود شمالاً. ومن بعبدا شرقاً الى البحر غرباً، وكانت تسمّى رسميًّا ساحل النصارى في العهد العثمانيّ، بسبب "التفوّق العددي للمسيحيّين فيها. وفي عهد آخر المتصرّفين على جبل لبنان، أوهانّس قيومجيان باشا، صدر أمر خطّي قضى بتعيين الأمير حارس فارس شهاب مديرًا لساحل النصارى. وكان القصر مقرًّا لهذه المديريّة ويستعمل قسم منه كسجن لتوقيف من كان يقبض عليهم لأفعال جرميّة، نظرًا لكون المدير مسؤولًا عن حفظ الأمن في المديريّة وكانت صلاحياته تمتد من النهر اليابس قرب تمثال الامير فؤاد ارسلان حتّى جسر نهر الباشا وحدود مدينة بيروت قرب العدلّية، ومن الكحالة شرقًا حتّى البحر في الجناح غربًا، مرورًا بصحراء الشويفات. وكانت صلاحيّات مدير هذه الناحية تشمل كل ما هو أمنيّ وإداريّ، ويرتبط برئيس القلم الغربيّ للمتصرفيّة، وكان آنذاك الأمير المرحوم فائق شهاب والد الأمير عبد العزيز شهاب واللواء عبد العزيز شهاب.

عثرت على وثيقة الأمر الخطّي هذه العام 1958 في أحد أقبية قصر الأمير بشير الثالث في الحدث، حارة البطم. والقصر هذا تحدَّر بالإرث إلى مدير الأمن العام السابق الأمير فريد حارث شهاب، وقد بيع في ستّينات القرن الماضي وأصبح مقرًّا وملكًا للسفارة الاسبانيّة في بيروت.

(يراجع: * رونالد ناصيف، جريدة الديار، تاريخ 4-4-1999ص 12 ،

* خليل خالد فغالي مقالة منشورة على الموقع الالكتروني www.beirutletter.org  )

 

editor1

وُلد المحامي جوزف أنطوان وانيس في بلدة الحدث قضاء بعبدا _ محافظة جبل لبنان _ عام 1978، وتربّى منذ طفولته على حُبّ الوطن والتضحية من أجل حريّة وسيادة واستقلال لبنان. درس الحقوق في الجامعة اللبنانية _ كلّيّة الحقوق والعلوم السياسيّة _ الفرع الثاني، وتخرج فيها حاملًا إجازة جامعيّة عام 2001، وحاز في العام 2004 دبلوم دراسات عُليا في القانون الخاصّ من جامعة الحِكمة _ بيروت. محامٍ بالاستئناف، مُنتسب إلى نقابة المحامين في بيروت، ومشارك في عدد لا يُستهان به من المؤتمرات والندوات الثقافيّة والحقوقيّة اللبنانيّة والدوليّة والمحاضرات التي تُعنى بحقوق الإنسان.

Related Posts
Comments ( 0 )
Add Comment