الفرق بين جرم الذم وجرم الخبر الكاذب - القرار الصادر عن محكمة المطبوعات
الفرق بين جرم الذم وجرم الخبر الكاذب
وضعت محكمة الاستئناف في بيروت _ الغرفة العاشرة، الناظرة بالدرجة الاولى في جميع القضايا المتعلقة بجرائم المطبوعات والمؤلفة من القضاة الرئيس رفول البستاني والمستشارتين هبة عبدالله وناديا جدايل، معياراً واضحاً لجرم الذم، ولجرم الخبر الكاذب. فاعتبرت ان جرم الذم يتحقق نتيجة توافر ثلاثة عناصر وهي:
1 _ وجود واقعة محددة جرى إسنادها الى أحد الأشخاص.
2 _ ان يكون من شأن هذا الاسناد المساس بشرف واعتبار ومكانة هذا الشخص الاجتماعية.
3 _ ان يكون قد جرى الافصاح عن ذلك بصورة علنية.
أما بالنسبة لجرم الخبر الكاذب فاعتبرت انه متوفر في القضية الحاضرة بسبب عدم وجود اي اثبات او دليل على الخبر المنشور.
وقضت بإدانة الجهة المدعى عليها وتغريمها وإلزامها بالتعويض.
ومما جاء في القرار الصادر بتاريخ 28/2/2018:
ثالثاً: في القانون:
أ_ في الشكل:
حيث ان الاخبار المشكو منها قد نشرت بتاريخ 2016/1/15 و2016/2/26 و/2016/3/1 وان الادعاء ورد الى هذه المحكمة بتاريخ 2016/3/22 فتكون مقبولة شكلاً لورودها ضمن المهلة القانونية المحدّدة بثلاثة اشهر من تاريخ نشر الخبر سنداً لنصّ المادة 17 من المرسوم الاشتراعي رقم 104 تاريخ 1977/6/30 المعروف بقانون جرائم المطبوعات.
ب_ في الأساس:
حيث ان قانون المطبوعات الصادر بتاريخ 1962/9/14 قد كرس في المادة الاولى منه مبدأً عاماً وهو مبدأ حرية الصحافة التي يجب الا تقيد بحسب النص المذكور "الاّ في نطاق القوانين العامة واحكام هذا القانون"، وحيث انه من المتعارف عليه انه من مميزات الصحفي السياسي البحث عن الحقيقة وتحري الدقة بحيث تكون مقالاته مشتملة على الحد الادنى من المصداقية في سبيل نقل وقائع الاحداث بصورة دقيقة وموضوعية، وحيث يقتضي في الدعوى الراهنة مقاربة موضوع الشكوى بشكلٍ مترابط في ما بين الاخبار الثلاثة التي نشرت على التوالي.
وحيث انه يقتضي التحقق من مدى توافر جرمي الاخبار الكاذبة والذم في ما تضمنته المقالات المشكو منها. وحيث ان جرم الذم يتحقق نتيجة توافر عناصر ثلاثة:
4 _ وجود واقعة محددة جرى اسنادها الى احد الاشخاص
5 _ ان يكون من شأن هذا الاسناد المساس بشرف واعتبار ومكانة هذا الشخص الاجتماعية
6 _ ان يكون قد جرى الافصاح عن ذلك بصورة علنية
وحيث ان ما ورد في متن المقال موضوع الادعاء الراهن، غير المذيل، لجهة القول: " تناولت الاوساط المصرفية معلومات عن نية رئيس الجمهورية السابق م. س. شراء حصة من اسهم احد البنوك المحلية المعروضة من مالكيها الاجانب، وتفيد المعلومات ان نائب رئيس مجلس الوزراء س. م. يتولى مهمة التفاوض…وان ما ورد في متن المقال الثاني موضوع الادعاء الراهن، والمذيل باسم الصحافية، أ.ش. لجهة القول:"…عقدت في مقر البنك اجتماعات عدة، جرى خلالها تقديم عرض موجز عن اوضاع البنك ونتائج اعماله، شارك فيها عدد من الراغبين في شراء الاسهم، كان من ابرزهم نائب رئيس مجلس الوزراء س.م. الذي تردد انه عبر عن رغبة رئيس الجمهورية السابق م.س. بالمساهمة بمبلغ يصل الى 200 مليون دولار، وهو ما اثار ردود فعل كثيرة جعلت إتمام الامر بصورة علنية امر غير ممكن…
_ كذلك تتوافر معلومات عن تسهيلات مصرفية منحها بنك الى جهتين على علاقة برئيس الجمهورية السابق، بقيمة 35 مليون دولار، قد تكون على صلة بعملية البيع".
وفي متن المقال الثالث، لجهة القول: " تردد ان حاكم مصرف لبنان ر.س. اطلع على ما انجزه ط. الا انه تحفظ على 5 أمور :…4- عدم تقديم تسهيلات مصرفية من بنك لشراء اسهم فيه، وهذا يطال تحديداً ما تردد عن منح تسهيلات مصرفية لمقربين من رئيس الجمهورية السابق م.س. لشراء اسهم في البنك."
انما يعكس ذماً مبطناً وغير مباشر بالمدعي، ويعتبر مساً بشخصه وبكرامته ما يؤلف الجنحة المنصوص عنها والمعاقب عليها في المادة 20 من المرسوم الاشتراعي رقم 77/104 المعدل، معطوفة على المادتين 22 و 26 منه.
وحيث ان ما ورد في متن المقالات موضوع الادعاء الراهن، من ان رئيس الجمهورية السابق ينوي شراء اسهم من بنك (…)، ومساهمته بمبلغ 200 مليون دولار اميركي اثار ردود فعل جعلت إتمام الامر بصورة علنية امر غير ممكن، وعن قيام المصرف بتقديم تسهيلات مصرفية لجهتين على علاقة بالمدعي، كما ووجود تحفظات من قبل حاكم مصرف لبنان على منح تلك التسهيلات، ومن دون وجود اي اثبات، ومن دون ان تبادر المدعى عليها الى تقديم اي دليل على صحة ما جاء ضمن المقال بما يعرف باللاتينية بالexceptio veritatis لاسيما في ضوء عدم حضورها لجلسة الاستجواب، بحيث لا يمكن ان يعتبر مطلقاً من باب حرية الصحافة، يشكل اخباراً كاذبة، تهدف الى الاساءة الى المدعي، وتؤلف الجنحة المنصوص والمعاقب عليها في الفقرة الاولى من المادة 3 من المرسوم الاشتراعي رقم 77/104 المعدّل، معطوفة على المادتين 2 و 26 منه.
وحيث انه يقتضي ادانة المدعى عليها ا.ش. بالجرائم المشار اليها اعلاه كونها كاتبة المقال سنداً للمادة 26 من قانون المطبوعات.
وحيث ان المدعى عليه ا.ا. هو المدير المسؤول عن جريدة "ا" والموقع الالكتروني لهذه الجريدة.
وحيث ان من واجبه كمدير مسؤول اجراء الرقابة المسبقة على مضمون المقالات قبل نشرها، ومنع نشر ما يعتبر جريمة، سيما وان المقال قد ورد في المطبوعتين الورقية والالكترونية.
وحيث ان نكوله عن هذا الموجب يشكل قرينة بأنه اراد النشر واذن به، ما يقتضي اعتباره مسؤولاً جزائياً عن الجرائم المسندة الى كاتبة المقال معطوفة على المادة 26 منه.
وحيث ان المدعى عليها شركة ا. ب. ش.م.ل. هي صاحبة جريدة ا. والموقع الالكتروني التابع لها.
وحيث انه لم يثبت، بأنها تدخلت فعلياً في ارتكاب الجنحتين المذكورتين اعلاه، مما يقتضي معه اعلان براءتها، وحيث ان وكيل المدعي طلب الزام المدعى عليهم بدفع مبلغ قدره مئة مليون ليرة لبنانية كتعويضات شخصية، وحيث ان ورد في المقال موضوع هذه الدعوى قد الحق حتماً اشد الاضرار المعنوية بالمدعي عبر التلميح بأنه اختلس المال العام وانه يواجه مشاكل قضائية في لبنان والخارج، ما يستوجب معه الزام المدعى عليهم بالتعويض عن الضرر المذكور، في سبيل رد اعتبار المتضرر منه.
وحيث انه يقتضي بالتالي اجابة طلب المدعي والزام المدعى عليهم بدفع مبلغ /5,000,000/ ل.ل. كتعويض رمزي عن الاضرار التي لحقت به.
وحيث انه يقتضي ايضاً الزام المدعى عليه ا.ا. وعلى نفقته الخاصة بنشر خلاصة عن هذا القرار، في عدد جريدة الورقي والموقع الالكتروني لها الذي سوف يصدر بعد ابلاغه نسخة عنه.
وحيث ترى المحكمة بما لها من حق تقدير في هذا المجال وبالنظر لظروف القضية منح المدعى عليهم الاسباب المخففة سنداً للمادة 254 عقوبات.
وحيث انه وبالنظر لهذه النتيجة، لم يعد من حاجة للبحث بسائر الاسباب والمطالب الزائدة او المخالفة إما لعدم الجدوى واما لكونها قد لقيت رداً في ما سبق فيقتضي ردها.
لذلك تحكم بالاتفاق:
وبعد سماع مطالعة النيابة العامة الاستئنافية:
1 _ بإدانة المدعى عليها السيدة ا.ش. بصفتها كاتبة المقال والسيد ا.ا. بصفته المدير المسؤول عن جريدة "ا" والموقع الالكتروني للجريدة:
_ بجنحة المادة 20 من المرسوم الاشتراعي رقم 77/104 المعدّل معطوفة على المادتين 22 و 26 منه، وتغريم كل منهم مبلغ ستة ملايين ليرة لبنانية.
_ بجنحة الفقرة الاولى من المادة 3 من المرسوم الاشتراعي رقم 77/104 المعدّل، معطوفة على المادتين 2 و 26 منه، وتغريم كل منهم مبلغ عشرة ملايين ليرة لبنانية.
وادغام العقوبتين سنداً للمادة 205 عقوبات بالأخذ بالأشد وهي الغرامة عشرة ملايين ليرة لبنانية. واستبدال العقوبة تخفيفاً سنداً للمادة 254 عقوبات بالاكتفاء بتغريم كل منهما مبلغ مليون ليرة لبنانية.
2_ بإعلان براءة شركة ا.ب. ش.م.ل.
3 _ بإعلان مسؤولية المدعى عليهم كافةً عن التعويض المتوجب للمدعي وذلك بالتكافل والتضامن والزام المدعى عليهم المذكورين اعلاه بدفع مبلغ /5,000,000/ ل.ل. كتعويض رمزي للمدعي عن الاضرار المعنوية التي لحقت به.
4 _ بالزام المدعى عليه السيد ا.ا. بصفته المدير المسؤول عن جريدة ا. بنشر خلاصة معبرة عن هذا القرار على نفقته في عدد جريدة "ا" والموقع الالكتروني لها الذي سوف يصدر، بعد ابلاغه نسخة عنه، وفي المكان نفسه الذي ورد فيه المقال المشكو منه.
5 _ رد ما زاد أو خالف.
6 _ تضمين المدعى عليهم النفقات كافة.
قراراً وجاهياً بحق الفرقاء صدر وأفهم علناً في بيروت بتاريخ 28/2/2018 بحضور ممثل النيابة العامة الاستئنافية في بيروت.
المحامي ناضر كسبا منشور في "مجلة محكمة" _ الخميس في 2019/3/28