التبويبات الأساسية

الأب جوزيف عبد السّاتر ورحلةُ الرّوح بقلم : الدكتور جورج شبلي

الأب جوزيف عبد السّاتر ورحلةُ الرّوح بقلم : الدكتور جورج شبلي

الأب جوزيف عبد السّاتر ورحلةُ الرّوح
بقلم : الدكتور جورج شبلي
( بمناسبة انتقال الأب عبد الساتر الى بيت الآب السماوي )
يا صافيَ النَّبعة، وأنتَ تُسَلِّمُ على مُضيفِكَ، في دارِ الخُلد، متمرِّساً بإيمانٍ من نَسلِ العقل، ومُعترِفاً بهِ حقيقةَ الحقيقة، وبأقنومِهِ الثّاني ذَوبَ المحبّةِ أسمى الفلسفات، هو يعرفُ أنّكَ أَصَّلتَ عنايتَكَ بقدّوسِهِ التزاماً اتَّحدَ بروحِهِ في ما يُشبهُ الحُلول، وسوفَ يقودُكَ الى حياةٍ تُستَطاب، فلا ألمٌ مُطوَّقٌ بمغارسِ الحزن، ولا قلقٌ يَنطق، ولا زمانٌ مُعابٌ بالمرض، بل رَوضُ خلودٍ صفاؤُهُ سَيلُ القَطر، وجَمالُهُ وجهُ اللهِ الذي في ظلالِهِ مرشوحاتُ الخيرِ، والحقّ، والرّجاء.
يا صديقَنا الزّاهدَ بالدّنيا، لقد مِلتَ الى الترهّبِ مُتَنَفَّساً من حصارِ المادّة، وطريقاً للبالِ والقلبِ الى أرجاءِ الله، وجوازَ مرورٍ الى فرحٍ خالد، مؤمِناً بأنّ اليومَ الثّالثَ موجود، وبأنّ المسيحَ هو المَدَدُ الدائمُ لحياتِك، فلم تَخزنْ تلكَ الأسرارَ في وجدانِكَ، لكنّكَ كشفتَ عن خيوطِها للنّاس، لتنقشعَ عن إِبصارِهم أوهامُ الدّنيا، وليخفقَ في إحساساتِهم رونقُ الهُدى، وينتقلوا الى معرفةِ الفَوقِ السّماويّ الخلّاق، فما يُنتَقَلُ إليهِ، بِكَ، أشهى.
أيّها المُنتمي الى شهادةِ الصّليب، وقد تراكمَت قِيَمُهُ في ذاتِك، مُثقَلاً بالأمانات، فلم يَيبَسْ نشيدُ " الأبانا " فوقَ شفتَيك، يهدرُ إيقاعُهُ في قلبِكَ عقيدةً ولائيّةً للمسيحيّةِ التي نادَيتَ بها فِعلاً مُحرِّراً حاضِناً الجميع، الى أيِّ اتّجاهٍ مالوا، فالمسيحيّةُ قضيّةٌ سلَكتَ شِعابَها، وشرَحتَ لاهوتَها غَوصاً فكريّاً راقياً، ليتقصّى سامِعوكَ حقيقةَ الواجِدِ والموجود، وليَفيدوا من محاصيلِ ثقافتِكَ، بنفوسٍ قابِلةِ التأثّر، وهذا فِعلُ سِحرِكَ الفائضِ من عَلُ.
المحبّةُ كانت فصاحةَ لسانِك، والصّدقُ ذخيرةَ قلبِك، ومَنْ كان، كأَنتَ، يتنفّسُ محبّةً وصدقاً، ويوقِنُ أنّ السّماءَ أمدَّتنا بالصّلاحِ الذي فينا، لا نستطيعُ إلّا أن نشكوَ الزّمانَ الذي فَجَعَنا بسَلبِهِ مِنّا، وهو، بعدُ، معطاء، لكنّنا نجثو أمامَ مشيئةِ الخالِقِ وقد انتقى عزيزَنا الأب جوزيف مُقيماً في بدائعِ النّعيمِ الأبديّ، وهو نصيبُ الأبرارِ والصِدّيقين.
أيّها الغائبُ الحاضر، ستبقى في وجدانِنا، أحاديثَ عِذاباً كلّما اشتَقنا الى طلّاتِك.

editor1

وُلد المحامي جوزف أنطوان وانيس في بلدة الحدث قضاء بعبدا _ محافظة جبل لبنان _ عام 1978، وتربّى منذ طفولته على حُبّ الوطن والتضحية من أجل حريّة وسيادة واستقلال لبنان. درس الحقوق في الجامعة اللبنانية _ كلّيّة الحقوق والعلوم السياسيّة _ الفرع الثاني، وتخرج فيها حاملًا إجازة جامعيّة عام 2001، وحاز في العام 2004 دبلوم دراسات عُليا في القانون الخاصّ من جامعة الحِكمة _ بيروت. محامٍ بالاستئناف، مُنتسب إلى نقابة المحامين في بيروت، ومشارك في عدد لا يُستهان به من المؤتمرات والندوات الثقافيّة والحقوقيّة اللبنانيّة والدوليّة والمحاضرات التي تُعنى بحقوق الإنسان.

Related Posts
Comments ( 0 )
Add Comment