التبويبات الأساسية

السياسة لا تلغي الجمال  

السياسة لا تلغي الجمال  

تمرّدي فالسياسة لا تلغي الجمال  

... كنت أتمنّى لو كان هذا الاحتفال من باب لزوم ما لا يلزم، ليس لسبب لأنّ لبنان الرائد في حضارته، وديمقراطتيّته، وفي المساواة كمبدأ دستوريّ وحقّ من الحقوق الأساسيّة، لم ينجح بعد في إرساء معادلة تساوي فعليًّا لا نظريًّا بين الجنسين، خاصةً وأنّ المرأة صاحبة حضور في القطاعات المختلفة، الفكريّة، والعلميّة والثقافيّة، والنقابيّة، والإداريّة، والحقوقيّة، والاقتصاديّة، وبالتالي لماذا تبقى السياسة عصيّة عليها، أو ممنوعة عنها، أو تسند إليها إذا ما بقيت محلّات، وبقيت كراس فارغة، وبقيت حصص غير مستهلكة.

        في الماضي، تمرّدت إميلي إبراهيم على هذا الواقع، وكانت أوّل إمرأة تترشّح للانتخابات النيابيّة في العام 1953. وتوقّف الزمن عقدًا إلى أن فازت ميرنا البستاني بالتزكية عام 1963 كأوّل برلمانيّة لبنانيّة، بعد وفاة والدها إميل البستانيّ.

        وشهد الوضع تراجعًا في تمثيل المرأة من ست برلمانيّات في انتخابات العام 2005 إلى أربع في انتخابات العام 2009.

        أنا آسف، لكن الوضع في حضرة الأرقام، لا يصحّ التكابر على الواقع الموسوم بالخجل، نعم الخجل من واقع التمثيل.

        المرأة نسبتها صفر في وظيفة محافظ، و4 على 128 في مجلس النوّاب، وأقلّ من 10% في وظائف الفئة الأولى، و5 % في الانتخابات البلديّة 2010، وغياب شبه تام عن المسؤوليّات في النقابات والأحزاب، مع بعض الاستثناءات القليلة. ولن أستثني نقابة المحامين التي تفتقر إلى وجودهن، هذا الوجود المسند إلى أناقة في العلم والكفاءة. وأحيّي بالمناسبة الزميلات النقيبة أمل حداد وجاكلين مسابكي، وصونيا عطية ولودي مسعود وعليا بارتي الزين اللواتي شاركن نقيبة وأعضاء في مجلس النقابة. ونربأ بأنفسنا في نقابة المحامين أن نتحدّث جندريَّا، وتمييزيًّا، لكن حتّى في لغة الأرقام، فإنّ الغلبة في الحاضر والمستقبل هي للمحاميّات. فالحضور اللطيف تجاوز الخمسين في المئة بين المحامين المتدرّجين: 488 محاميًا و569 محامية، ولو أنّ عدد المحامين في الجدول العام يبلغ 4919 محاميًا مقابل 2769 محامية.

        وأنا واثق من أن سفيرة الاتّحاد الأوروبيّ السيّدة أنجيلينا أيخورست وزميلاتها السفيرات اللواتي أرحّب بهنّ، تعرّفن في بيروت إلى وفرة من السفراء اللبنانيّين، وإلى ندرة من السفيرات اللبنانيّات.

        هذا في لبنان، أمّا في روندا فبلغ التمثيل النسائيّ في السياسة 59% و50% في كلّ من تونس وجنوب افريقيا.

        أمّا عن المرأة في الحكومة فحدّث ولا حرج. واحدة على 24 في مجلس الوزراء، غيابها الدائم هو القاعدة باستثناء بعض الحكومات القليلة، بل النادرة مع الوزيرة ليلى الصلح حمادة، والوزيرة وفاء الضيقة حمزة، والوزيرة نايلة معوّض، والوزيرة بهيّة الحريريّ، والوزيرة ريّا الحسن، والوزيرة الزميلة منى عفيش، فالوزيرة القاضية أليس شبطيني العمّ التي دخلت عالم السياسة من الباب الحقوقيّ الواسع، لتشكّل مع زملائها النقباء والمحامين والحقوقيّين مظلّة حامية للدستور والتشريع والقوانين، من دون الانتقاص من وطنيّة وكفاءة السادة الوزراء الآخرين. مبروك لك هذا الموقع، مع تسجيل تحفّظنا على مسألتين: اقتصار التمثيل على سيّدة واحدة، وتجاوز قاعدة الاختصاص في توزيع المقاعد الوزاريّة.

سيّداتي، سادتي، زميلاتي وزملائي،

        إنّ الطريق السريع والآمن لضمان الحضور السياسيّ للمرأة في المجالس المنتخبة أو المعيّنة هو في اعتماد نظام الكوتا لمرحلة انتقاليّة، رغم إنّ هذا النظام يخالف الديمقراطيّة وقاعدة المساواة بالفرص.

        وحسنًا فعلت لجنة بطرس عندما أخذت بهذه النظريّة، كمحطّة ضروريّة لنقل لبنان من مجتمع ذكوريّ بامتياز، إلى مجتمع سياسيّ مختلط ومتكامل. لكن تبقى العبرة في التنفيذ.

        الحضور الكريم،

        كلّا، لا تتخطّى المرأة حدودها عندما تقرّر خوض معترك السياسة هذا حقّ المرأة وواجب الرجل والمجتمع.

        كلّا، المرأة لا تزيّن مجلس الوزارء ومجلس النوّاب بحضورها، كلّا المرأة ليست للزينة أو للديكور، حقّها الكامل أن تتصدّر المجالس السياسيّة المنتخبة والمعيّنة.

        وأقولها من على منبر نقابة المحامين: أيّتها السيّدة، السياسة لا تلغي الجمال، ولا تقضي على الأنوثة، ولا تقتل العذوبة لدى الجنس اللطيف، فاعتني بجمالك، لكن تمرّدي، ثوري، أسقطي الحواجز وأخرقي سقف السياسة في لبنان.

عاشت المرأة      عاش لبنان

بقلم نقيب المحامين السابق في بيروت جورج جريج

 

(يراجع: كتاب بصمة استثنائيّة 2013 _ 2015، جورج جريج نقيب المحامين في بيروت، منشورات صادر، صفحة 91)  

       

editor1

وُلد المحامي جوزف أنطوان وانيس في بلدة الحدث قضاء بعبدا _ محافظة جبل لبنان _ عام 1978، وتربّى منذ طفولته على حُبّ الوطن والتضحية من أجل حريّة وسيادة واستقلال لبنان. درس الحقوق في الجامعة اللبنانية _ كلّيّة الحقوق والعلوم السياسيّة _ الفرع الثاني، وتخرج فيها حاملًا إجازة جامعيّة عام 2001، وحاز في العام 2004 دبلوم دراسات عُليا في القانون الخاصّ من جامعة الحِكمة _ بيروت. محامٍ بالاستئناف، مُنتسب إلى نقابة المحامين في بيروت، ومشارك في عدد لا يُستهان به من المؤتمرات والندوات الثقافيّة والحقوقيّة اللبنانيّة والدوليّة والمحاضرات التي تُعنى بحقوق الإنسان.

Related Posts
Comments ( 0 )
Add Comment