التبويبات الأساسية

المونسنيور منصور لبكي سفير الفقراء في زمن المحن

المونسنيور منصور لبكي سفير الفقراء في زمن المحن

رجل دين مارونيّ، مؤسّس الحركة الروحيّة "لو تدحال" وقرية السلام "كفرسما". حائز عدداً وافراً من الأوسمة والميداليّات وشهادات التقدير نذكر منها: جائزة سعيد عقل ( ١٩٧٣ )، جائزة أفضل أغنية للأطفال ( ١٩٨٢ )، أفضل نشيد للسلام "لبنان بالإيمان يشيد السلام" ( ١٩٨٤ )، جائزة اكاديميّة العلوم الأخلاقيّة والسياسيّة ( ١٩٨٦ )، جائزة سانت اكزوبري "القيم للشبيبة" ( ١٩٨٧ )، جائزة سانت اكزوبري الفرنكوفونيّة ( ١٩٨٧ )، الجائزة الدوليّة لحقوق الإنسان منحته اياها في العام ١٩٨٧ صحيفة "لاكروا - ليفينمان" لمؤلفاته الإنسانيّة، جائزة فرنسا - لبنان "جمعيّة الكتاب بالفرنسيّة" ( ١٩٨٨ )، جائزة الأكاديميّة الفرنسيّة لمجموعة كتبه ( ١٩٨٨ )، جائزة "إقرأ وإختر" ( ١٩٨٩ )، جائزة العمل الاجتماعيّ من أكاديميّة العلوم والفنون الجميلة في مدينة ليون ( ١٩٩٠ )، جائزة العائلة ( ١٩٩١ )، وسام الأرز الوطنيّ برتبة ضابط ( ١٩٩٤ )، جائزة "فرنسا البحر المتوسط" لعمله من أجل السلام وأطفال الحرب ( ١٩٩٥ )، الجائزة الكاثوليكيّة الكبرى للأدب ( ٢٠٠٢ )، وسام صليب الإستحقاق الذهبيّ برتبة ضابط ( ٢٠٠٣ )، جائزة PEACE AWARD 2004 وسام الشرف الفرنسيّ برتبة ضابط.
منذ فتوّته، تفتّحت براعم الروحانيّة المسيحيّة في أعماقه وجذبته ألقيم الأخلاقيّة التي يفيض بها الوحي الإنجيليّ. وجد في سر القيامة جواباً لمعضلة الألم وترجمة موضوعيّة وطبيعيّة لفيض المحبّة الإلهيّة عبر البنوّة الإنسانيّة. هذا الإكتشاف اللاهوتي سرعان ما طبع حياته الرعويّة والإنسانيّة لاسيّما طوال فترة الحرب في لبنان.
أبصر النور في بعبدات - قضاء المتن، في بيئة ظللتها بساطة الحياة وفرادة الطبيعة، ونشأ في كنف عائلة تقدّس العلم والفكر والثقافة والفن، فتأثّرت هواياته بهذا الواقع، وإذا به يتبحّر في المطالعة، ويتمرّس على الموسيقى. تأثّرت شخصيّته عميقاً بتربية والديه، فكان راسخ الإيمان بالله، شديد التقوى، دائم التفاؤل، حيويّ الحركة.
إضافةً إلى العربيّة، يتقن الفرنسيّة والإنكليزيّة واللاتينيّة والإسبانيّة والسريانيّة.
جاء وجوده على المقاعد المدرسيّة جنباً إلى جنب مع إخوة له في الوطنيّة يختلفون عنه في المذهب والدين، ليفتح بصره على خصوصيّة الكيان اللبنانيّ ورسالته الفريدة.
وساهمت زيارته إلى فرنسا في الخمسينيّات، بترسيخ روح المثابرة لديه والتعرف على مقوّمات النهوض بالمجتمع.
في باريس، تلمّس التحوّل الكبير الذي ميّز المجتمع الأوروبيّ عموماً والفرنسيّ خصوصاً وكيفيّة انقلابه الناجح والسريع على زلزال الحرب العالمية الثانية.
هكذا، أمضى فترة الخمسينيّات حتّى أواسط الستينيات على مقاعد الدراسة، يتلقّى كل أنواع الإختبارات الوطنيّة والإنسانيّة، متعمقاً في الآداب والفلسفة ومنفتحاً على كبار المفكرين العرب والعالميين ومتخصّصاً في علم اللاهوت المسيحيّ والفلسفة العربيّة والإسلاميّة.
في لحظة محوريّة من حياته قرّر تكريس كلّ كيانه لله من خلال تدرّجه في الطاعة للمشيئة السماوية واستعداداته لتقبل سرّ الكهنوت. فكانت بداية ولادة منصور لبكي الكاهن والراعي الروحيّ.
فور تخرّجه من الجامعة وإثر رسامته الكهنوتيّة، تولّى إرشاد وتربية الاكليريكيّين في غزير.
خلال الحرب كان عضداً للمتألمين والجرحى واليتامى على طول امتداد الأراضي اللبنانيّة وسفيرهم الناطق باسمهم في مختلف أنحاء العالم لاسيّما في أميركا وأوروبا وفرنسا بنوع خاص. لم يميّز بين لبناني وآخر، بين مسيحي ومسلم، عرفه الجميع أخاً لإنسانيتهم وصديقاً لآلامهم.
سيرة حياته، تدرج في التعاطي مع مآسي البشر وسلسلة إختبارات إنسانيّة غنيّة بالمعاني وروحيّة العطاء.
أسّس العديد من المؤسّسات الإنسانيّة التي لا تزال حتّى اليوم تحافظ على جوهر رسالتها الأمر الذي يعكس مصداقيّة المؤسّس وتجرّده وجديّته. من أبرز هذه المؤسّسات نذكر "بيت سيدة الفرح"، "بيت أطفال لبنان" في ترسه، جمعيّة "لا تخف - لو تدحال"، بيت سيدة البسمة"، قرية "كفرسما" في مشمش، "بيت مريم - نجمة الشرق" في مدينة لورد - فرنسا.
كان لشخصيّته تأثيرها الفاعل في تحريك الرأي العام الغربي لمصلحة القضيّة اللبنانيّة والتعاطف مع مآسي اللبنانيين. عرف كيف يخاطب اللبنانيين المغتربين ويوقظ في باطنهم الحنين إلى وطن الأجداد.
هو أحد رواد النهضة الموسيقيّة الدينيّة في لبنان. جاء نشاطه ليشكّل محطّة محوريّة في واقع الفن اللبناني، فيها القبل والبعد. برز تعلقه بالموسيقى منذ طفولته ومع توالي السنين تمرّس بها فأجاد في العزف والتلحين والتأليف.
ألّف المئات من الأغاني الروحيّة والوطنيّة كما ترجم التراث المارونيّ إلى لغات ثلاث عالميّة هي الإنكليزيّة والإسبانيّة والفرنسيّة.
أتت أغانيه وترانيمه مسكوبة في ألحان دافئة ومكسوّة بكلمات سهلة وأفكار تنبع من عمق أحاسيس الإنسان.
أنعش الليتورجيا المارونيّة بترانيمه وموسيقاه التي اعطت للكنيسة المحليّة جاذبيّتها للنخب الشابة حيث أن إدخال اسلوبه الفنيّ إلى الترنيمة الروحيّة أحدث ما يشبه الثورة الإيجابيّة في حركة التواصل بين الكنيسة والشعب. وألحانه ترتّل في جميع الكنائس الناطقة باللغة العربيّة في الشرق.
كلماته استمدّت من عالم الروح واللاهوت المسيحيّ معانيها وألحانه انبثقت من ثقافة الحضارة اللبنانيّة المشبعة بالغنى الفكريّ والإنسانيّ والمكلّلة بالبساطة والسمو.
في أواسط السبعينيّات سافر إلى الولايات المتحدة الأميركيّة للمرّة الأولى وذلك بطلب من المطران فرنسيس الزايك للمساهمة في ترجمة بعض الترانيم الروحيّة من العربيّة إلى الإنكليزيّة. وكانت هذه أولى الخطوات نحو عولمة الليتورجيا المارونيّة وقد كتب للبكي أن يفتتح هذا التحوّل الحضاري في التراث المارونيّ. لاحقاً، عندما أصدر كتابه "أرز لبنان" في العام ١٩٨٢ أسهم في ترجمة التراث الكنسيّ المارونيّ من السريانيّة والعربيّة إلى الانكليزيّة. لم يقف نشاطه الرائد هذا عند حدود اللغة الإنكليزيّة بل عمد بين العامين ١٩٨٦ و ١٩٩٥ إلى تأليف ٢٠٠ ترتيلة ترجمت كلّها إلى لغات عديدة.
أسّس فرقاً عدّة دربها على إنشاد الأغاني الروحيّة والوطنيّة، أبرزها جوقة "منشدو لبنان الصغار" التي أبصرت النور في العام ١٩٧٨.
ألقى ما يزيد عن ١٧٠٠ محاضرة وإشترك في مؤتمرات محليّة وإقليميّة ودوليّة حمل فيها لواء الدفاع عن حقوق المتألّمين والمعوقين والجرحى واليتامى. وقد تردّد صدى صوته في كبرى المدن العالميّة لاسيّما في الفيليبين والمكسيك وفرنسا وبلجيكا والولايات المتّحدة الأميركيّة....
له العديد من المؤلّفات والكتب.
نذكر من مؤلفاته:
_ وقفة روحيّة: مجموعة أحاديث باللغة العاميّة بثّتها إذاعة "لبنان الحر" خلال صوم ١٩٨٣.
_ وقفة مريميّة: باقة من الأحاديث والأفكار والتأملات في محطّات من سيرة السيدة مريم العذراء كما بثتها إذاعة "لبنان الحر" باللغة العامية طيلة الشهر المريمي ( ايار ١٩٨٣ ).
KFAR SAMA, VILLAGE DU LIBAN
في هذا الكتاب، قال جان غيتون من الأكاديميّة الفرنسيّة: "هذا ليس كتاباً، إنه صراخ.... فما يتفجّر في كلّ صفحة من نشيد الفرح هذا ومن خلال الوجع، انما هو الفرح ويقين فجر جديد". نقله إلى العربيّة : جورج مصروعة بعنوان: " كفرسما، ضيعة من لبنان". كما ترجم إلى سبع لغات.

L'ENFANT DU LIBAN
في هذا الكتاب، قال البروفسور جيروم لو جون من أكاديميّة العلوم الأخلاقيّة والسياسيّة: "أنه تحفة أدبيّة. الأب لبكي هو واحد من كبار شعراء فرنسا الحاليين. لذا كان من البديهي أن تتوجّه الأكاديميّة". ترجم إلى سبع لغات منها العربيّة بقلم جورج مصروعة.
MON VAGABOND DE LA LUNE
في هذا الكتاب قال شارل حلو رئيس جمهوريّة لبنان الراحل: "يا لها من قصّة رائعة تلك التي تروي ولادة طفل ومساره في داخل طفل مقفل على ذاته".
ظهر هذا الكتاب في ترجمته إلى اللغة العربية بقلم جورج مصروعة بعنوان"شريد القمر". كذلك ترجم إلى الاطالية.
DEUX MAISONS POUR
من وحي هذا الكتاب، قال الكاردينال ادوار غانيون، رئيس المجلس البابويّ للعائلة "لقد بكيت على الطفولة المدمّرة واستهتار العالم في زرعه العدم والموت". ترجم هذا الكتاب إلى اللغة العربيّة على يد مي منسى بعنوان "بيتان لا لشيء".
كما قامت فرقة فرنسيّة بتصوير فيلم عن لبنان مستندةً إلى نشاط المونسنيور لبكي وكتبه تحت عنوان:"رماد الفينيق " LES CENDRES DU PHENIX
وظهر كتاب سيرته بالفرنسيّة بقلم الصحافيّة الأديبة "افلين مسعود" تحت عنوان:
LA PAIX PAR LE PARDON
ED: LE JUBILE
قدّم له المؤرخ الفرنسيّ العالميّ جان لاكوتور Jean Lacouture
مؤلّفاته ونشاطه الرسوليّ والإنسانيّ كانا موضوع أطروحة لراهبة أردنيّة في العام ١٩٧٨ اعدّتها لنيل شهادة الماجستير من الجامعة اللبنانيّة. إشارة إلى أن حقوق المونسنيور لبكي كمؤلّف لكامل إنتاجه الأدبيّ والموسيقيّ، يقدّمها هبة لأطفال الحرب.
المرجع: (كتاب أعلام من بلاد الأرز للكاتب أنطوان فضول، الجزء 2009، صفحة 51)

editor1

وُلد المحامي جوزف أنطوان وانيس في بلدة الحدث قضاء بعبدا _ محافظة جبل لبنان _ عام 1978، وتربّى منذ طفولته على حُبّ الوطن والتضحية من أجل حريّة وسيادة واستقلال لبنان. درس الحقوق في الجامعة اللبنانية _ كلّيّة الحقوق والعلوم السياسيّة _ الفرع الثاني، وتخرج فيها حاملًا إجازة جامعيّة عام 2001، وحاز في العام 2004 دبلوم دراسات عُليا في القانون الخاصّ من جامعة الحِكمة _ بيروت. محامٍ بالاستئناف، مُنتسب إلى نقابة المحامين في بيروت، ومشارك في عدد لا يُستهان به من المؤتمرات والندوات الثقافيّة والحقوقيّة اللبنانيّة والدوليّة والمحاضرات التي تُعنى بحقوق الإنسان.

Related Posts
Comments ( 0 )
Add Comment